للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإِن رَجَعَ قَبْلَ حَدِّهِ أَو وَسَطَهُ خُلِّي، وَإلَّا حُدَّ.

وَهُوَ لِلْمُحْصَنِ، أَي: لِحُرٍّ مُكَلَّف مُسْلِمٍ، وَطِئ بِنِكَاحٍ صَحِيح، وَهُمَا بِصِفَةِ الإِحْصَانِ، رَجْمُهُ في فَضَاءٍ حَتى يَمُوْتَ.

===

يكن؟» قال: نعم. قال: «اذهبوا وارجموه». ولفظ البخاري: «لعلَّك قبَّلت أَوْ غمزت أَوْ نظرت». قال: لا. قال: «أَفَنِكْتَهَا»؟ قال: نعم، فعند ذلك أَمر برجمه.

(فإِن رَجَعَ قَبْلَ حَدِّهِ، أَوْ وَسَطَهُ (١) ، خُلِّيَ) أَي تُرِكَ، وهو قول الشافعيّ وأَحمد ورواية عن مالك. وعنه وهو قول ابن أَبي ليلى: أَنه لا يُخَلّى، لأن الحدّ وجب بإِقراره، فلا يبطل بعد ذلك بإِنكاره إِذا وجب بالشهادة، وصار كالقَود وحد القذف. وعنه: إِنْ ذكرَ لإقراره تأويلاً بأَن قال: حَسِبْتُ المفاخذة زنا، خُلّي. (وَإِلاَّ) أَي وإِن لم يرجع (حُدَّ) وإِنما يُخَلَّى إِذا رجع قبل كمال الحدّ، لأن الرجوع يحتمل الصدق كالإقرار، وليس أَحد يكذبه فيه فتتحقّق الشبهة في الإقرار بخلاف ما فيه حقّ العبد ـ وهو القصاص والقذف ـ لوجود من يكذّبه فيه.

وعلماؤنا والشافعيّ اعتبروا الإقرار من ذميّ بالزنا بذمية حتى يُحَدُّ به، ولا يعتبره مالك. ولا تَحَدُّ امرأَة بظهور حَبَلٍ بها من غير بَعْلٍ لها، لأن احتمال كونه من نكاحٍ صحيحٍ أَوْ فاسدٍ شبهةٌ دارئةٌ للحدّ. وحدَّها مالك لِمَا سيأَتِي من قول عليّ: أَيما امرأَةٍ جيءِ بِهَا وبها حَبَلٌ أَوْ اعترفت، فالإمام أَول مَنْ يرجم، (ولأن ظهوره بلا زوج دليلُ زناها، فلو ادعت أَنه من نكاحٍ لا تقبل عنده، لأنه (٢) ) خلاف الظاهر.

(وَهُوَ) أَي الحدّ (لِلْمُحْصَنِ) بفتح الصاد وكسرها (أَي لِحُرَ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ) وفي الذمي خلافٌ يأَتي (وَطِاء) امرأَةً قبل الزنا (بِنِكَاحٍ صَحِيْح وَهُمَا بِصِفَةِ الإِحْصَانِ) أَي قبل هذا الوطاء ـ والجملة حالية ـ حتى لو وطاء بنكاحٍ صحيحٍ ـ وهو بصفة الإحصان ـ كافرةً أَوْ مملوكةً أَوْ مجنونةً أَوْ صبيّةً، أَوْ وهو بغير صفة الإحصان مسلمةً حرَّةً بالغةً عاقلةً لا يكون مُحْصَنَاً. فقوله: هو لِلْمحْصَن مبتدأ خبره قوله: (رَجْمُهُ في فَضَاءٍ حَتَّى يَمُوْتَ).

أَمّا الحرّية، فلأن الإحصان يطلق عليها. قال الله تعالى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المُحْصَنَاتِ مِنَ العَذَابِ} (٣) أَي ما على الحرائر بإِجماع


(١) وَسَطَهُ: أي وسط الرجم.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.
(٣) سورة النساء، الآية: (٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>