للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِغَيرِ المُحْصَنِ جَلْدُهُ مِئَةً وَسَطًا بِسَوْطٍ لا ثَمَرَةَ لَهُ.

===

بُرَيْدَة، عن أَبيه بُرَيْدَة قال: لمّا رُجِمَ ماعز قالوا: يا رسول الله ما نصنع به؟ قال: «اصنعوا به ما تصنعون بموتاكم من الغسل والكفن والحَنُوطِ والصلاة عليه». وروى الجماعة إِلاّ البخاري من حديث عِمْرَان بن حُصَيْن أَنْ امرأَة من جُهَيْنَة أَتت النبيّ صلى الله عليه وسلم وهي حُبْلَى من الزنا فقالت: يا نبيّ الله أَصبتُ حدّاً فأَقمه عليّ، فدعا النبيّ صلى الله عليه وسلم وَلِيَّها فقال: «أَحسن إِليها فإِذا وضعت فأتني بها». ففعل، فأَمر بها النبيّ صلى الله عليه وسلم فشُدَّتْ عليها ثيابها، ثم أَمر بها فرُجِمَت، ثم صلَّى عليها. فقال له عمر: تصلِّي عليها با نبي الله وقد زنت، فقال: «لقد تابت توبةً لو قُسِمَت بين سبعين من أَهل المدينة لَوَسِعَتْهُمْ، وهل وَجَدْتَ توبةً أَفضل مِنْ أَنْ جادت بنفسِها لله». ولأَنه قتلٌ بحقَ فصار كالمقتول بالقصاص.

(وَلِغَيْرِ المُحْصَنِ) عطف على للمحْصَن، أَي وحدُّ الزِّنا لغير المُحْصَن (جَلْدُهُ مئةً وَسَطَاً) أَي ضرباً مؤلماً غير جارحٍ (بِسَوْطٍ لا ثَمَرَةَ لَهُ) قيل الثمرة: العقدة، وقيل العَذَبة: وهي ذنبه. والأول أَصحّ، لأن الثمرة إِذا ضرب بها يصير كل ضربة ضربتين، كذا في «الإيضاح». والأظهر أَنْ كلاهما ممنوعٌ لما سيأْتي. والدليل على أَنْ حدّ غير المحصن الجلد قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ والزانِي فاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} (١) وقد نُسِخَتْ في حقّ المُحْصَن بما سبق، فبقيت في حق غيره. ولعلّ تقديم الزانية، لأنها لو لم تُطْمِعْه لم يطمع. وروى ابن أَبي شَيْبة في «مصنفه» عن عيسى بن يونس، عن حَنْظلة السَّدُوسي قال: سمعت أَنس بن مالك يقول: كان يؤمر بالسوط فتُقطع ثمرته، ثم يُدَقُّ بين حجرين حتى يَلِين، ثم يضرب به. قلنا لأنس: في زمان مَنْ كَانَ هذا؟ قال: في زمن عمر بن الخطاب.

وفيه وفي «مصنف عبد الرَّزَّاق» عن ابن مسعود: أَنْ رجلاً جاء بابن أَخ له إِليه، فقال له: إِنه سكران. فقال: تَرْتِرُوه ومَرْمِزُوهُ ـ أَي حرِّكُوه ـ واستَنْكهُوه (٢) . ففعلوا، فرفعه إِلى السجن، ثم جاء من الغد ودعا بسوطٍ، ثم أَمر بثمرته فدُقَّت بين حجرين حتى صارت دِرَّةً، ثم قال للجلاّد: اجلد وارفع يدك، وأَعطِ كل عضو حقّه. وفي «مصنفيهما» و «موطأ أَبي مصعب» عن مالك، عن زيد بن أَسلم: أَنّ رجلاً اعترف على نفسه بالزنا، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوطٍ، فأُتِيَ بسوطٍ مكسورٍ فقال: «فوق هذا»، فأُتي بسوطٍ جديدٍ لم تقطع ثمرته، فقال: «بين هذين»، فأُتي بسوطٍ قد رُكِّب به ولَانَ، فأَمر به فجُلِدَ، ثم قال: «أَيها الناس قد آن لكم أَنْ تنتهوا عن حدود الله، فمن أَصاب من


(١) سورة النور، الآية: (٢).
(٢) انظر "القاموس المحيط" ص ٤٥٥، مادة (تَرَّ). وص ٦٧٥، مادة (مزز).

<<  <  ج: ص:  >  >>