للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ بِمَزِيْدٍ.

ومَا قُطِعَ فِيهِ وَهُوَ بِحَالِهِ، ومَالِ ذِي رَحِم، مَحْرَمٍ مِنْ بَيْتهِ،

===

الاستحسان: أَنْ المؤجّل ثابتٌ في الذمة كالحالّ، والتأْجيل لتأْخير المطالبة. (وَلَوْ بِمَزِيْدٍ) أَي ولو كان المأْخوذ زائداً على حقّه، لأنه يصير شريكاً في ذلك المال بمقدار حقّه فتتحقق الشبهة. قَيّدَ بمثل الحقّ، لأنه لو كان له عليه دراهم فسرق منه عروضاً يقطع، لأنه ليس له الاستيفاء منه إِلاّ بيعاً بالتراضي. وعن أَبي يوسف: لا يقطع، وهو وجهٌ في مذهب الشافعي، لأن له أَنْ يأْخذه عند بعض العلماء قضاءً من حقّه لوجود المجانسة باعتبار صفة المالية، فأَورث ذلك شبهة.

ولو كان حقه دراهم فسرق منه دنانير، قيل: يقطع، لأنه ليس له ولاية الأخذ، وبه قال مالك وأَحمد في روايةٍ والشافعي في وجهٍ. وقيل: لا يقطع، لأن النقود جنسٌ واحدٌ كما في الزكاة والنفقة. وفي «المحيط» و «المبسوط»: هو الصحيح، وبه قال الشافعيّ في الأظهر.

(وَ) لا في (مَا قُطِعَ فِيْهِ) وفي نسخة: «به»، أَي ولا قطع في سرقةِ شيءٍ كان السارق سرقه قبل ذلك وقُطِعَ لأجله (وَهُوَ) أَي المسروق (بِحَالِهِ) وأَمّا لو تغيّر حاله بأَن كان غزلاً فقُطِع فيه ثم ردّه إِلى صاحبه فنسجه ثم سرقه، فإِنه يقطع ثانياً. والقياس أَنْ يُقْطَع فيما هو بحاله أَيضاً، وهو رواية عن أَبي يوسف، وبه قال مالك والشافعيّ وأَحمد، لأن السرقة الثانية أَقبح لوجود الإقدام عليها مع سبق الزاجر عنها، فكانت أَحقّ بإِيجاب القطع.

(و) لا في (مَالِ ذِي رَحِم، مَحْرَمٍ) أَوْ مال غيره (مِنْ بَيْتِهِ) أَي بيت ذي الرحم المَحْرَم، وقال مالك وأَبو ثور وابن المنذر والخِرَقي (١) من أَصحاب أَحمد: يقطع الولد إِذا سرق من أَحد أَبويه وإِن علا، لأنه لا حقّ للولد في مال أَبويه، ولهذا يحدّ إِذا زنى بجاريتهما، ويقتل إِذا قتلهما فصار كأَجنبي.

ولنا أَنْ البعضيّة توجب البُسُوطة (٢) في المال، والإذن في الدخول في الحِرْز، ولهذا يَمْنَع الوِلادُ قَبولَ شهادة أَحدهما لصاحبه، فصار كالأب لا كالأجنبي. وقال مالك والشافعيّ وأَحمد: يقطع بسرقة ذي رَحِم مَحْرَم غير الولاد إِلحاقاً لهذه القرابة بقرابة بني الأعمام.

ولنا أَنها ملحقة بقرابة الولاد في وجوب الصون عن القطيعة، والقطع في السرقة يفضي إِلى القطيعة، فوجب صونها عنه. أَمّا لو سرق مال ذي رَحِم مَحْرَمٍ من


(١) حُرِّفت في المطبوع إلى: المزني، وما أثبتناه من المخطوط.
(٢) بسط الشيء: نشره. القاموس المحيط ص ٨٥٠، مادة (بسط).

<<  <  ج: ص:  >  >>