للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإِنْ أَخَذَ، وَنَصِيبُ كُلِّ نِصَابٌ، قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ مِن خِلافٍ، وَإنْ قَتَلَ بِلا أَخْذِ مالٍ قُتِلَ حَدًّا، ومَعَهُ قُتِلَ أَوْ صُلِبَ أَوْ قُطِعَ، ثُمَّ قُتِلَ أَوْ صُلِبَ.

===

القطع، حتى لو كان واحد منهم من أَصحاب المال، أَوْ ذا رحم مَحْرَم منهم، أَوْ صبياً أَوْ مجنوناً، لا يجب عليهم القطع، لأن الجناية واحدةٌ، فالامتناع في حقّ البعض امتناعٌ في حق الباقين، خلافاً لأبي يوسف ومالك والشافعيّ وأَحمد. ولو كان فيهم امرأَة ففي روايةٍ تقطع، وبه قال مالك والشافعيّ وأَحمد، والأصحّ أَنها لا تقطع.

ومنها: أَنْ يُؤْخَذُوا قبل التوبة، حتّى لو أُخِذوا بعدها وبعد ردّ المال سقط عنهم الحدّ، ولا خلاف فيه، ولكن لا يسقط القصاص وضمان المال الهالك.

(وإِنْ أَخَذَ) مالاً لمسلمٍ أَوْ ذميّ سواء جرح أَوْ لا (وَنَصِيْبُ كُلَ نِصَابٌ، قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ) بأَن قطع يده اليمنى ورجله اليسرى لئلا يفوت جنس المنفعة. (وَإِنْ قَتَلَ بِلَا أَخْذِ مالٍ قُتِلَ حَدًّا) لا قصاصاً حتّى لا يعفو الوليّ (و) إِنْ قتل (مَعَهُ) أَي مع أَخذ المال (قُتِلَ أَوْ صُلِبَ) حيًّا في ظاهر الرواية ثلاثة أَيام، ويُبْعَج بطنه برمحٍ حتّى يموت، أَي يشقّ.

(أَوْ قُطِعَ) يده ورجله من خلافٍ (ثُمَّ قُتِلَ أَوْ صُلِبَ) كما ذكرناه، وهذا موافقٌ لـ: «جامع البَزْدَوِي». وفي «الهداية»: وصلب «بالواو» وكلٌّ منهما للإمام فعله، ثم يُنْزَل بعد ثلاثة أَيّام ويُخَلَّى بينه وبين أَهله ليدفنوه، لأنه لو تُرِكَ لتغيّر وتأَذّى الناس به. وقيل: يرى أَبو يوسف تركه مصلوباً حتّى يسقط ليكون أَبلغ في الاعتبار، وقال محمد: يُقْتَل أَوْ يُصْلَب ولا يُقْطَع.

وفي عامة المباسيط وشروح الجامع، أَبو يوسف مع محمد، وبه قال الشافعي وأَحمد في روايةٍ ومالك إِنْ كان ذا رأي. وعن أَبي يوسف: أَنْ الإمام لا يَتْرك الصلب، لأنه المنصوص عليه، والمقصود منه التشهير ليرتدع به غيره، وبه قال الشَّافعيّ وأَحمد. وعن الطَّحَاوِيّ: أَنه يقتل ثم يصلب توقياً عن المُثْلَة، وبه قال الشافعي وأَحمد. والأصل في ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الّذِيْنَ يُحَارِبونَ اللَّهَ ورَسُوْلَهُ وَيَسْعَوْنَ في الأرْضِ فَسَادَاً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهُم وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌّ في الدُّنْيَا وَلَهُمْ في الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيْمٌ إِلاّ الَّذِيْنَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنّ اللَّهَ غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ} (١) أَي يحاربون أَولياء الله على حذف مضافٍ.

ثم المراد منه ـ والله تعالى أَعلم ـ التوزيع على الأحوال، لأن الجنايات


(١) سورة المائدة، الآيتان: (٣٣ و ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>