للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ أَوْدَعَهُ مَعْصُومًا.

وَلِلفَارسِ سَهْمَانِ، وَلِلراجِلِ سَهْمٌ

===

عن أرضهم حين جاء الإسلام فأخذتها، فأسلموا فخاصموا فيها النّبي صلى الله عليه وسلم فردّها عليهم. وقال: «إذا أسلم الرجل (فهو) (١) أحق بأرضه وماله». رواه أحمد، وروى أبو داود معناه وفيه: «يا صخر إنّ القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم».

(أَوْ أَوْدَعَهُ مَعْصُوماً) أي مسلماً أو ذمياً، لأنه في يده حكماً إذ يد المودَع كيد المودِع، لأنه عامل له في الحفظ وهي يدٌ محترمةٌ صحيحةٌ. قيّد بالوديعة، لأنّ ماله الذي في يد المعصوم غصباً، فيءٌ عند أبي حنيفة، لأن يده ليست كيد المالك. وقال محمد: لا يكون فيأ، لأن المال تابعٌ للنفس وقد صارت معصومةً بالإسلام. وأبو يوسف مع أبي حنيفة في رواية، ومع محمد في أخرى. وقيّد: بالمعصوم، لأن ماله الذي أودعه عند حربي فيءٌ اتفاقاً، لأن يده ليست محترمةً حتى جاز لنا التّعرض لها، وقيّد بالمال، لأن عقاره فيء، خلافاً لمالك والشافعي وأحمد (فإنهم قالوا) (٢) : إنه بإسلامه يعصم عَقَاره، لأنه في يده كالمنقول.

ولنا: أن العَقَار في يد أهل الدّار وسلطانها إذ هي من جملة دار الحرب، فلم يكن في يده حقيقةً. وقيل: هو قول محمد، وهو قول أبي يوسف أولاً ثم رجع عنه إلى أن العَقَار كغيره من الأموال، بناءً على أن اليد حقيقة يثبت عنده فيه، ألا ترى أن عنده يتصوّر فيه الغصب؟.

وأما عبيده فمن قاتل منهم فهو فيءٌ خِلافاً لمالك والشافعي وأحمد، لأنه لمّا تمرَّد على مولاه خرج من يده، فصار تبعاً، لأهل دارهم. وحُكْم مَنْ أسلم في دار الحرب وخرج إلينا على هذا التفصيل، ويَقْسِم الإمام أربعةَ الأخماسِ من الغنيمة بين الغانمين بعد إفراز الخُمْس لقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (٣) … الآية.

(وَلِلفَارسِ) أي لمن معه فرس أو أكثر (سَهْمَانِ وَلِلراجِلِ) أي من لا فرس معه، سواء كان معه بعيرٌ أو بغلٌ أو لم يكن (سَهْمٌ) وهذا عند أبي حنيفة وزفر، وقال أبو يوسف ومحمد: للفارس ثلاثة أسهمٍ، وللراجل سهمٌ، وهو قول مالك والشّافعي وأحمد والليث وأبي ثور وأكثر أهل العلم لما روى الجماعة إلاّ النَّسائي عن نافع (٤)


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) سورة الأنفال، الآية: (٤١).
(٤) حُرِّفت في المطبوع إلى نافن، والمثبت من المخطوط، وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>