للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ أسْلَمَ ثَمَّةَ عَصَمَ نَفْسَهُ وَطِفْلَهُ وَمَالًا مَعَهُ،

===

جِرَاباً (١) من شحمٍ يوم خَيْبَر فالتزمته، ثم قلت: لا أعطي في هذا اليوم أحداً شيئاً، فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متبسماً.

زاد أبو داود الطيالسي في «مسنده»: قال له عليه الصلاة والسلام: «هو لك». قال ابن القطَّان: وهذه الزيادة مفيدة، لأنّها نصٌّ في إباحته وهي «صحيحة» الإسناد. وروى البخاري في «صحيحه» عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه. وروى أبو داود في «سننه» عن محمد بن أبي مُجَالد، عن عبد الله بن أبي أوْفَى قال: قلت: هل كنتم تخمِّسون ـ يعني الطعام ـ على عهد رسول الله؟ فقال: أصبنا طعاماً يوم خيبر فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف. وروى البيهقي من حديث هاناء بن أمّ كلثوم: أن صاحب جيش الشام كتب إلى عمر: إنّا فتحنا أرضاً كثيرة الطعام والعَلَف، وكرهت أن أتقدّم في شيء من ذلك إلاّ بأمرك. فكتب إليه: دع الناس يأكلون ويَعْلِفُون، فمن باع شيئاً بذهب أو فضة ففيه خمسٌ لله وسِهام للمسلمين.

ولم يقيّد في «السير الكبير» حلّ انتفاع الطعام ونحوه بالحاجة، وهو قول مالك والشافعي وأحمد لإطلاق ما روينا، ولقوله عليه الصلاة والسلام يوم خيبر: «كلوا واعْلِفوا ولا تحملوا». رواه البيهقي في «المعرفة». (وَمَنْ أْسْلَمَ ثَمَّة) أي في دار الحرب منهم قبل أن يأخذه المسلمون (عَصَمَ نَفْسَهُ) فلا يجوز قتله ولا استرقاقه. قال عليه الصلاة والسلام: «أمرت أن أقاتل النَّاس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله، فإذا قالوها عصموا مني دماؤهم وأموالهم» (٢) . (وَ) عصم (طِفْلَهُ) لأنه تبعٌ له في الإسلام بخلاف ولده الكبير، فإنه حربي غير تابع له، وبخلاف زوجته وحملها فإنها حربية غير تابعة له في الإسلام، وحملها جزءٌ منها فيتبعها في الرِّقِّ (وَ) عصم (مَالاً مَعَهُ) لسبق يده الحقيقة عليه، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «من أسلم على شيءٍ أو مالٍ، فهو له» (٣) رُوِيَ مسنداً ومرسلاً بسندٍ صحيح. فعن صخر بن عَيْلَة (٤) : أنّ قوماً من بَنِي سُلَيم فرُّوا


(١) الجِرَاب: وعاءٌ يحفظ فيه الزاد ونحوه. المعجم الوسيط ص ١١٤، مادة (جرب).
(٢) صحيح البخاري (فتح الباري) ١/ ٧٥، كتاب الإيمان (٢)، باب فإِن تابوا وأقاموا الصلاة. (١٧)، رقم (٢٥).
(٣) البيهقي في السنن الكبرى ٩/ ١١٣، كتاب السِّير، باب مَن أَسلم على شيء فهو له.
(٤) حُرِّفت في المطبوع إِلى صخر بن علية، وحُرِّفت في المخطوط إِلى صخر بن عبلة، والصواب ما أَثبتناه لموافقته لما في "مسند الإمام أَحمد" ٤/ ٣١٠ و"تقريب التهذيب" ص ٢٧٥، ترجمة رقم ٢٩٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>