للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرِدْءُ وَمَدَدٌ لَحقَهُمْ ثَمَّةَ كَمُقَاتِل فِيهِ، لا سوقِيّ لَمْ يُقَاتِلْ، وَلا مَنْ مَاتَ ثَمَّةَ.

وَيُورَثُ قِسْطُ مَنْ مَاتَ هُنَا.

وَحَلَّ لَنَا ثَمَّةَ طَعَامٌ وَعَلَفٌ وَدُهْنٌ وَحَطَبٌ وَسِلاحٌ بِهِ حَاجَةٌ، لا بَعْدَ الخُرُوجِ مِنْهَا.

===

الإحراز بدار الإسلام عندنا، وعندهم يثبت بالاستيلاء بعدما تمّ انهزام المشركين، وبه قال أحمد. ولنا: أن الاستيلاء بإثبات اليد، والنقل، إذ القوة لهم في دارهم، فصار القسم فيها كالقسم قبل الهزيمة. وأمّا قسمته عليه الصلاة والسلام غنائم خَيْبَر فيها، وغنائم بني المُصْطلِق في دارهم، فليس من محل الخلاف، لأنه عليه الصلاة والسلام لمّا فتح تلك البلاد صارت دار الإسلام ولا خلاف فيها، وإنما الخلاف فيما لم يصر دار الإِسلام.

(والرِدْءُ) مبتدأ وهو بكسر الراء وسكون الدال فهمزة، بمعنى العون ومنه قوله تعالى: {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي} (١) (وَمَدَدٌ لَحِقَهُمْ ثَمَّةَ) أي في دار الحرب (كَمُقَاتِلٍ) خبر المبتدأ (فِيهِ) أي في المغنم، خلافاً للشافعي. وقد مهدنا الأصل في ذلك. (لا سُوقِيّ لَمْ يُقَاتِلْ) أي ليس الذي يبيع في العسكر إذا لم يقاتل في حقّ المغنم كالمقاتل، لأنّ سبب الاستحقاق وهو المجاوزة على قصد المقاتلة لم يوجد، لأنه جاوز على قصد التجارة. قيّد بعدم القتال، لأنّ المقاتل منهم يستحق من الغنيمة، لأنه بالمباشرة ظهر أنّ قصده القتال، والتجارةُ تبعٌ له فلا يضره، كالحاج إذ اتَّجر في طريق الحج، فإنه لا ينقص أجره. وأمّا ما في «الهداية» من قوله عليه الصلاة والسلام: «الغنيمة لمن شهد الوقعة»، فَرَفْعُه غير معروفٍ بل موقوفٌ على ابن عمر كما ذكره البَيْهَقِيّ.

(وَلَا مَنْ مَاتَ ثَمَّةَ) أي في دار الحرب من المقاتِلة، لأن الإرث يجري في الملك، ولا ملك للغزاة في الغَنِيْمة قبل أن تخرج إلى دار الإسلام، وإنّما لهم الاستحقاق (وَيُورَثُ قِسْطُ مَنْ مَاتَ) من المقاتلة (هُنَا) أي في دار الإسلام. وقال الشافعي: يورث من مات بعد استقرار الهزيمة لثبوت الملك به عنده.

(وَحَلَّ لَنَا ثَمَّةَ) أي في دار الحرب (طَعَامٌ) سواء كان مهيّأً للأكل أو لم يكن: كالحبوب والبقر والغنم والإبل، لكن تردّ جلودها إلى الغنيمة. وهذا الحلّ في حقّ من يُسْهَم له في الغنيمة، ومن يُرْضخ (٢) له منها غنياً كان أو فقيراً، وفي حقّ من معه من النساء والأولاد والمماليك. (وَعَلَفٌ وَدُهْنٌ وَحَطَبٌ وَسِلَاحٌ بِهِ حَاجَةٌ، لَا بَعْدَ الخُرُوجِ مِنْهَا) أي من دار الحرب لما روى مسلم عن عبد الله ابن مُغَفَّل قال: أصبت


(١) سورة القصص، الآية: (٣٤).
(٢) أَرضح له: أَعطاه قليلًا من كثير. المعجم الوسيط ص ٣٥٠، مادة (رضخ).

<<  <  ج: ص:  >  >>