للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِسْمَةُ مَغْنَمٍ ثَمَّةَ، إِلَّا إِيدَاعًا.

===

وسبى، ونظرت إلى عُنُقٍ (١) من الناس فيهم الذَّرَارِيُّ (٢) ، فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل، فرميت بسهم بينهم وبين الجبل، فلمّا رأوا السهم وقفوا، فجئت بهم أسوقهم، وفيهم امرأة من بني فَزَارة، عليها قَشْعٌ من أَدْم ـ والقَشْعُ: النَّطْع (٣) ـ معها ابنةٌ لها من أحسن الناس، فسقتهم حتّى أتيت بهم أبا بكر، فنفلني ابنتها. فقدِمْنا المدينة، فلقيني رسول الله، صلى الله عليه وسلم في السوق فقال: «يا سلمة هب لي المرأة، لله أبوك» فقلت: هي لك يا رسول الله فَوَاللَّهِ ما كشفتُ لها ثوباً. فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، ففدى بها ناساً من المسلمين كانوا أُسِرُوا بمكَّة. وروى مسلم أيضاً وأبو داود والترمذي وقال: حسنٌ صحيحٌ، واللفظ له عن أبي المُهَلَّب، عن عِمْرَان بن حُصَيْن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدى رجلين من المسلمين برجلٍ من المشركين.

وعندنا تذبح وتحرق مواشٍ (شقّ) (٤) نقلها، لأن في تركها على حالها كما قال الشافعي، تقوية لهم، وفي عقرها كما قال مالك، تعذيباً ومُثْلة بها، والذبح للمصلحة جائز، وإلحاق الغيظ بهم من أقوى المصالح، وهو مندوبٌ بالنص، فصارت كسلاحٍ يمكن حرقه فإنه يحرق اتفاقاً لئلا يستعينوا به فيما بعد، فإن لم يمكن حرقه دفن في مَضْيَعَةٍ (٥) بحيث لا يهتدون إليه، أو ألْقِيَ في البحر. ودليل الشافعي ما في «مصنف ابن أبي شَيْبَة»: أنّ أبا بكر بعث جيوشاً إلى الشام فخرج يتبع يزيد بن أبي سُفْيان، قال: إني أوصيك لا تقتلن صبياً ولا امرأة إلى أن قال: ولا بقرة إلاّ لمأكلةٍ. لكنه يحمل على ما يمكن نقلها جمعاً بين الأقوال. وأمّا ما في «الهداية» نهيه عليه الصلاة والسلام عن ذبح الحيوان إلا لأكْلِه، فغيرُ معروفٍ.

(وَ) مُنِعَ (قِسْمَةُ مَغْنَمٍ ثَمَّة) أي في دار الحرب (إِلاَّ إيدَاعاً) وصورتها أن لا يكون للإِمام من بيت المال ما يحمل عليه الغنيمة، فيقسمها بين الغانمين ليحملوها إلى دار الإسلام، ثم يرتجعها منهم فيها. وقال الشافعي: لا بأس بالقسمة في دار الحرب بعدما تمّ انهزام المشركين، وبه قال عطاء. وقال مالك: يعجل قسمة الأموال في دار الحرب، ويؤخر قسمة السبي إلى دار الإسلام. وأصل هذا أن الملك لا يثبت للغانمين قبل


(١) العُنُق: الجماعة من الناس. المعجم الوسيط ص ٦٣٢، مادة (عنق).
(٢) سبق شرحها ص ٢٦٤، التعليقة رقم (١).
(٣) النَّطْعُ: بِسَاطٌ من جلد. المعجم الوسيط ص ٩٣٠، مادة (نطع).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٥) المَضْيَعَةُ: المفازة الصحراء المنقطعة يضيع فيها الإنسان وغيره. المعجم الوسيط ص ٥٤٧، مادة (ضاع).

<<  <  ج: ص:  >  >>