للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

في وسطه وجيبه، وعلى مركبه من سلاح وثيابٍ وسَرْجٍ وآلةٍ.

ولو أثخنه واحدٌ وقتله آخر، فالسَّلَبُ لمن أثخنه، أي أَوهنه، لإعطاء النبيّ صلى الله عليه وسلم سَلَب أبي جهل لمُعَاذ دون ابن مسعود. والحاصل أنه لا يستحقّ القاتل سَلَب مقتوله عندنا إلاّ بقول الإمام: من قتل قتيلاً فله سَلَبه. لا أنه استحق بإزالة (١) منعة (٢) المقبل وقت الحرب بقطع طرفيه أو أسره كما قال به مالك والشافعي، لقوله عليه الصلاة والسلام: «من قتل قتيلاً له عليه بينةٌ فله سَلَبه». رواه أحمد والجماعة إلاّ النَّسائي. وفي لفظٍ لمسلمٍ عن جُبَيْر بن نُفَيْر، عن عَوْف بن مالكٍ أنه قال لخالد بن الوليد: ألم تعلم يا خالد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسَلَب للقاتل؟ قال: بلى.

زاد أبو داود: قضى بالسَّلب للقاتل، ولم يخمس السلب. وأَخرج في «سننه» أَيضاً عن أنس بن مالك أن النبيّ عليه الصلاة والسلام قال يوم حُنين: «مَنْ قتل كافراً فله سَلَبُه». فقتل أَبو طلحة يومئذٍ عشرين رَجُلاً وأَخذ أَسلابهم. وظاهر هذا نصب الشرع لأَنَه بعث له ولأن القاتل مقبلاً قد أظهر فضل عنائه على غيره، فيستحق التفضيل بملك ما على القتيل كالفارس مع الراجل، بخلاف ما لو قتله مدبراً أو رمى من صف المسلمين سهماً فقتل مشركاً، لأنه ليس فيه زيادة عناء، فكل أحدٍ يتجاسر علَيه (٣) .

ولنا ما في «معجم الطَّبراني الكبير والأوسط» بسنده إلى جُنَادة بن (أبي) (٤) أمية قال: نزلنا دابق وعلينا أبو عُبَيْدة بن الجراح، فبلغ حَبيب بن مسلمة أن صاحب قبرص خرج يريد طريق أَذَرْبِيجَان ومعه زُمُرّد وياقوت ولُؤْلُؤ وغيرها، فخرج إليه فقتله وجاء بما معه، فأراد أَبو عُبَيْدة أن يخمسه، فقال له حَبيب: لا تحرمني رزقاً رزقنيه الله، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل السَلَب للقاتل. فقال: معاذ: يا حَبيب إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما للمرء ما طابت به نَفْسُ إِمامه».

ورواه إسحاق بن رَاهُويَه في «مسنده» بسنده إلى جُنَادة بن أبي أَميّة قال: كنا مُعَسْكِرِين بدَابِق فَذُكِر لحبَيب بن مسلمة الفِهْري أن نبيه (٥) القبرص خرج بتجارة من البحر يريد بطريق إِرْمِينْيَة، فخرج عليه حبيب فقاتله فقتله، فجاء بسلبه يحمله على


(١) في المطبوع: بما زالت، والمثبت من المخطوط.
(٢) في المطبوع: الميل، والمثبت من المخطوط.
(٣) تجاسر عليه: اجترأَ وأَقدم. المعجم الوسيط ص ٢٢، مادة (جسر).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع، والصواب إثباته، لموافقته للمعجم الكبير ٤/ ٢٠ - ٢١.
(٥) النبيه: من شرُف وعلا ذكره. المعجم الوسيط ص ٨٩٩، مادة (نبه).

<<  <  ج: ص:  >  >>