للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا حُرَّنا وَتَوَابِعَهُ وَعَبْدَنَا الآبِقَ.

وَنَمْلِكُ بِهِمَا حُرَّهُمْ وَمَا هُوَ مِلْكُهُمْ. وَمَنْ وَجَدَ مِنَّا مَالَهُ، أَخَذَهُ بِلا شيء، إِنْ

===

يحرزوها بدارهم، لأن ملكهم بسبب الاستيلاء وهو يتحقق بالإحراز بدارهم، لأن الظاهر أن المسلمين يستنقذونها منهم ما لم يحرزوها بدارهم.

فإن قيل: قال الله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} (١) والتملك بالاستيلاء من أقوى جهات السبيل. أجيب بأن النَّصّ تناول ذوات المؤمنين، وهم لا يملكونهم بالاستيلاء بل يملكون أموالهم.

(لا حُرَّنا) أي لا يملك الكفار بالاستيلاء والإحراز بدارهم حُرَّنا (وَتَوَابِعَهُ) وهم مُدَبَّرنَا (٢) وأمُّ وَلَدِنَا (٣) ومُكَاتِبُنَا (٤) ، لأنّ محلّ الملك هو المال، وهؤلاء ليسوا بمالٍ. وقال مالك وأحمد: يملكون المُدَبَّر والمُكَاتَب بالاستيلاء، وقال أحمد: لا يملكون أمَّ الولد، وقال مالك: يفديها الإمام، فإن لم يفعل يأخذها سيدها بالقيمة، ولا يدعها يستحلّ فرجها مَنْ لا تحلّ له. (وَعَبْدَنَا الآبِقَ) أي ولا يملك الكفار بالاستيلاء والإحراز عبدَ المسلم إذا أَبَقَ إِلى دارهم، وهذا عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد في روايةٍ. وقال أبو يوسف ومحمد (ومالك وأَحمد في) (٥) روايةٍ: يملكونه، كما لو ندَّت (٦) إليهم دابة فأخذوها. ولأبي حنيفة: أنّ سبب الملك الاستيلاء، ولم يوجد، لأنّ الآدمي ذو يدٍ صحيحةٍ. وفي «شرح الوقاية»: أن الخلاف فيما إذا أخذوه قهراً وقيّدوه، وأما إن لم يكن أَخذوه قهراً فلا يملكونه اتفاقاً.

(وَنَمْلِكُ) نحن (بِهِمَا) أي بالاستيلاء والإحراز بدارنا (حُرَّهُمْ) وتوابعَه (وَمَا هُوَ مِلْكُهُمْ) لأن الشرع أسقط عصمتهم وعصمة ما هو ملكهم جَزَاءً لكفرهم بأن جعلهم ملكاً لعبيده.

(وَمَنْ وَجَدَ مِنَّا مَالَهُ) في يد الغانمين بعد ما غلبنا عليهم (أَخَذَهُ بِلَا شَيءٍ إِنْ


(١) سورة النساء، الآية: (١٤١).
(٢) المُدَبِّرُ: الرقيق الذي عُلِّقَ عتقُهُ على موت سيده، ومثاله قول السيد لعبده: إِن متُّ فأَنت حرّ. بمعجم لغة الفقهاء ص ٤١٨.
(٣) أمَّ الولد: الأَمَةُ التي حملت من سيدها وأَتت بولد. معجم لغة الفقهاء ص ٨٨.
(٤) المُكاتَبُ: الرقيق الذي تمَّ عقد بينه وبين سيده على أَن يدفع له مبلغًا من المال نجومًا - متفرقًا - ليصير حرًّا، معجم لغة الفقهاء ص ٤٥٥.
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٦) نَدَّ البعير: نفر وشرَد. المعجم الوسيط ص ٩١٠، مادة (ندّ).

<<  <  ج: ص:  >  >>