حصر الطائف خرج إليه أرقَّاء من أرقّائهم فأسلموا، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمّا أسلم مواليهم بعد ذلك، ردّ عليه الصلاة والسلام الولاء إليهم. وفي «سننه» عن علي قال: خرج عبدان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحُدَيْبِيَة قبل الصلح، فكتب إليه مواليهم قالوا: يا محمد والله ما خرجوا إليك رغبةً في دينك، فإنما خرجوا هرباً من الرِّق، فقال ناسٌ: صدقوا يا رسول الله، رُدَّهم إليهم. فغضب عليه الصلاة والسلام وقال:«والله ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا الدين». وأبى أن يردّهم وقال:«هم عتقاء الله».
(كَعَبْدٍ مُسْلِمٍ) أي كما يعتق عبد مسلم (شَرَاهُ كَافِرٌ مُسْتَأْمَنٌ هُنَا) أي في دار الإسلام (وَأَدْخَلَهُ دَارهم) أي دار أهل الحرب، وهذا عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يعتق، وبه قال مالك وأحمد. وفي مذهب الشّافعيّ وجهٌ: أنه لا يصحّ بيع العبد المسلم من الكافر، وعنه قولٌ: إنه يصحّ. وفي «النهاية» عن «الإيضاح»: وعلى هذا الخلاف إذا كان العبد ذميّاً، لأن المُسْتَأْمَن يُجْبَر على بيعه ولا يُمَكَّن من إدخاله دار الحرب.
(وَلَا يَتَعَرَّضُ تَاجِرُنَا ثَمَّةَ) أي في دار الحرب (لِدَمِهِمْ وَمَالِهِمْ) لأنّ في تعرّضه لواحدٍ منهما غدراً بهم، وهو ممنوعٌ منه. (إلاّ إذا أَخَذَ مَلِكُهُمْ مَالَهُ) أوْ حبسه (أَوْ) أخذ (غَيْرُهُ) أي غير ملكهم مالَ التاجر (بِعِلْمِهِ) أي بعلم ملكهم ولم ينهه، لأنهم نقضوا عهده فيباح له التعرّض لهم كالأَسِير والمتلصِّص. قيّد بدمهم ومالهم، لأنه لا يجوز له أن يتعرّض لفروجهم، لأن الفروج لا تحلّ إلاّ بالملك، ولا ملك قبل الإحراز بالدّار.
(وَمَا أَخْرَجَهُ) التاجر من دار الحرب بطريق التعرّض ودخل به إلى دار الإسلام (مَلَكَهُ) لتحقّق سبب الملك فيه وهو الاستيلاء على مباحٍ (حَرَاماً) أي ملكاً حراماً لأنه حصل بسبب الغدر فأوجب ذلك خُبْثاً فيه (فَيَتَصَدَّق بِهِ) تنزّهاً عنه.
(وَلَا يُمَكَّنُ حَرْبِيٌّ) من الإقامة (هُنَا) أي في دار الإسلام (سَنَةً) بأمانٍ (وِقِيلَ لَهُ) عند الأمان (إنْ أقَمْتَ هُنَا سَنَةً نَضَعُ