للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَصْرِفُ الجِزْيَةِ وَالخَرَاجِ وَمَا أُخِذَ مِنْهُ بِلا حَرْبٍ مَصَالِحُنَا: كَسَدِّ ثَغْرٍ، وَبِنَاءِ جِسْرٍ، وَرِزْقِ العُلَمَاءِ وَالعُمَّالِ وَالمُقَاتِلَةِ وَذُرِّيَّتهِمْ.

===

ولا بسبّ نبيَ من الأنبياء، فلا يُغْنَم ماله، بل يجري عليه الحكم مثلما يجري على مسلمٍ صدر منه مثله.

وصار كالإِبَاء عن أداء الجزية على المذهب، لأن ما ينتهي به القتال التزام الجزية، وقَبُولها لأدائها، فالالتزام باقٍ فيسقط القتال، وينتقض على رواية «واقعات الحُسامي» اعتباراً للانتهاء بالابتداء، بل ينتقض باللَّحاق بدار الحرب، أو بالغلبة على موضعٍ من دارنا للحرب، لأنهم لمَّا صاروا حرباً علينا خلا عقد الذِّمة عن فائدة دفع شرّ الحرب، فلا يبقى. وإذا انتقض عهده صار كالمرتدّ في الحكم، إلاّ أنه إذا أُسِرَ يجوز أن يُسْتَرقَّ وأن توضع عليه الجزية ثانياً بخلاف المرتدّ.

(وَمَصْرِفُ الجِزْيَةِ وَالخَرَاجِ) مبتدأ مضافٌ (وَمَا أُخِذَ مِنْهُ) أي من الحربيّ (بِلَا حَرْبٍ) كَهدية، وما أَخذ منه العاشر (١) ، أو من الذمي إذا مرّ عليه، وما صُولِحَ عليه على ترك القتال قبل نزول العسكر لساحته (مَصَالِحُنَا) خبر المبتدأ (كَسَدِّ ثَغْرٍ) بالخيل والرِّجال، والثَّغْر: موضع المخافة من فروج البلدان. (وَبِنَاءِ جِسْرٍ) وهو ممّا يُرْفَع ويُوضَع، وقنطرة وهي: ما يحكم بناؤه فلا يرفع (وَرِزْقِ العُلَمَاءِ) أي المشغولين بعلم الشريعة وطلبتهم (وَالعُمَّالِ) أي الذين يقبضون الزكوات والعشورات والجزية والخَرَاجات.

(وَالمُقَاتِلَةِ وَذُرِّيَتِهِمْ) أي ذريّة العلماء والعمال والمقاتلة، لأنه مالٌ وصل إلى المسلمين بلا قتالٍ فيصرف في مصالحهم، وهؤلاء حبسوا أنفسهم لنفع المسلمين، فكان الصرف إليهم صرفاً في مصالح المسلمين، ونفقة الذراري على الآباء، فيعطون كفايتهم كيلا يشتغلوا عن مصالح المسلمين، ولا يورَّث عطاء من مات منهم في نصف السنة، لأنه صدقة (٢) وهي لا تملك إلاّ بالقبض، وإن مات في آخرها يستحبَّ دفعه لورثته إقامةً لتمام السنة مقام قبضه إياه، وعلى هذا قيل: إن الإمام أو المؤِّذن أو المدرِّس إذا مات قبل أن يقبض معلومه، ليس لورثته أن يأخذوا ذلك.

واعلم أنّ بيت المال أنواع أربعة: أحدها: هذا الذي ذُكِر. وثانيها: الزكاة والعُشُر، ومصرفها: ما ذكره الله تعالى في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} (٣)


(١) العاشر: هو الذي يأخذ العُشُور. والعُشْرُ: هو ما يؤخذ من زكاة الأرض التي أَسلم أَهلها عليها، وهي التي أَحياها المسلمون من الأرضين والقطائع. المعجم الوسيط، ٦٠٢، مادة (عشر).
(٢) في المخطوط: صلة، والمثبت من المطبوع.
(٣) سورة التوبة، الآية: (٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>