للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُيِّزَ الذِّمِّيُّ فِي: زِيِّهِ، وَمَرْكَبِهِ، وَسَرْجِهِ، وَسِلاحِهِ، فَلا يَرْكَبُ خَيْلًا، وَلا يَعْمَلُ بِسِلاحٍ، وَيُظْهِرُ الكُسْتِيجُ، وَيَرْكَبُ عَلَى سَرْجٍ كَإكَافٍ.

وَمُيِّزَتْ نِسَاؤُهُمٍ فِي الطُّرُقِ وَالحَمَّامِ، ويُعَلَّمُ عَلَى دُورِهِمْ، لِئَلَّا يَسْتَغْفِرَ لَهُمْ السَّائِلُ.

===

فَفَحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتّى أتاه اليقين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب». فأجلى يهود خَيْبَر، وأجلى يهود نَجْرَان وفَدَك. وجزيرة العرب هي أرض العرب، وقد سبق تفسيرها في الزكاة. وسُمِّيت جزيرة لأنها جَزَرَتْ عنها المياه التي حَوَالَيْها، كبحر البَصْرة وعُمَان وَعَدَن والفُرَات. والجَزْرُ: القَطْع.

(وَمُيِّزَ الذِّمِّيُّ) من المسلم (فِي زِيِّهِ) أي لبسه، فلا يلبَسُ طَيْلَسَاناً (١) مثل طَيْلَسَان المسلمين، ولا رداءً مثل أرديتهم (وَ) في (مَرْكَبِهِ وَسَرْجِهِ وَسِلَاحِهِ) إظهاراً للصَّغَار عليهم، وصيانةً لمن ضعف يقينه من المسلمين عن الميل إلى دينهم، كما يشير إليه قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} (٢) … الآية، ولأَنَّ المسلم يُكْرَمُ، والذمي يُهَان، حتّى يضيّق عليه الطريق ولا يُبْدَأ بالسلام، ولا يُجَاب إلا بِعَلَيْك، ولأنه لو لم يميّز لعلّه يُعَامل معاملة المسلمين، وذا لا يجوز.

(فَلَا يَرْكَبُ) الذِّميّ (خَيْلاً وَلَا يَعْمَلُ) أي لا يحمل (بِسِلاحٍ) لأنه ليس من أهل الجهاد، وهذا في الحضر، وجُوِّزَ له في السفر لاحتمال الاحتياج إليه (وَيُظْهِرُ الكُسْتِيجُ) بضم الكاف وسكون السين المهملة وكسر التاء الفوقية فياء ساكنة فجيم: وهو خيطٌ غليظٌ يشدّه الذميّ فوق ثيابه، ولا يُظْهِرُ الزُّنَّار المتخذ من الإِبْرَيْسَم (٣) .

(وَيَرْكَبُ) عند الضرورة (عَلَى سَرْجٍ كَإكَافٍ) (٤) وذكر التُّمُرْتَاشِي أنه يكتفي في كل بلدٍ من العلامة بما تعارفه أهله، لأن المقصود يحصل به. (وَمُيِّزَتْ نِسَاؤُهُمْ) عن نساء المسلمين (فِي الطُّرُقِ وَالحَمَّامِ، ويُعَلَّمُ عَلَى دُورِهِمْ) بعلامة (لِئَلاَّ يَسْتَغْفِرَ لَهُمْ السَّائِلُ) إذا وقف عليها، ويمنعون من تَعْلِية أبنيتهم علينا، ولا يُنقض عهدهم بقتل مسلم، بل يُقَاد إن كان عمداً، وتجب الدِّيَة إن كان خطأ، ولا بوطء مسلمةٍ بل يحدّ،


(١) الطَّيْلَسَان: ضرب من الأوشحة يُلْبَس على الكتف، أَو يحيط بالبدن، خالٍ عن التفصيل والخياطة وهو ما يُعْرف في العاميّة المصرية بالشال. المعجم الوسيط ص ٥٦١، مادة (طلس).
(٢) سورة الزخرف، الآية: (٣٣).
(٣) الإبْرَيْسَم: أحسن الحرير. المعجم الوسيط ص ٢.
(٤) أَي كحرف الكاف في الهيئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>