للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَاغٍ قَتَلَ عَادِلًا، إن ادَّعَى حَقِّيَّتَهُ، يَرِثُ، كَعَكْسِهِ. وَلا يَجِبُ شَيءٌ بِقَتْلِ بَاغٍ مِثْلَهِ.

===

عليّاً قَسَمَ يوم الجمل) (١) في العسكر ما أجافوا عليه ـ أي غلبوا ـ من كُرَاعٍ (٢) وسلاح. وفي «الهداية»: وكانت تلك القسمة للحاجة لا للتمليك، وللإمام أن يفعل ذلك في مال العادل عند الحاجة، ففي مال الباغي أوْلَى، والمعنى فيه إلحاق الضرر الأدنى لدفع الأعلى ـ ويُبَاع كُرَاعهم ويُحْبَس ثمنه، لأن حبس ثمنه أيسر وأحفظ للمالية، فإذا وضعت الحرب وزالت الفتنة رُدَّ عليهم.

(وَبَاغٍ قَتَلَ عَادِلاً إن ادَّعَى) الباغي (حَقِّيَّتَهُ) أي كونه على الحقّ، بأن قال: قتلته وأنا على الحقّ (يَرِثُ) منه. وأمّا لو قال: قتلته وأنا على الباطل، فلا يرث منه، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد: وقال أبو يوسف: لا يرث في الوجهين وهو قول الشافعي، لأنه قتلٌ بغير حق فَيَحْرُمُ الميراث اعتباراً بالخطأ. ولهما: أنه (قتل) (٣) بتأويلٍ يسقط معه الضمان، فلا يوجب حرمان الإِرث، لأنه من باب العقوبة: (كَعَكْسِهِ) كما يرث العادل من الباغي إذا قتله، لأنه قتلٌ بحقّ. وفي «الهداية» و «البدائع»: أن العادل إذا أتلف نفس الباغي أو ماله لا يضمن، ولا يأثم، لأنه مأمورٌ بقتالهم دفعاً لشرّهم، قال الله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أمْرِ اللَّهِ} (٤) والباغي إذا قتل العادل أو أتلف ماله لا يضمن عندنا، ويأثم.

وبه قال أحمد، والشّافعيّ في قولٍ، لقول الزُّهْرِيّ: إن الفتنة الأولى ثارت، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممّن شَهِدَ بدراً كثيرٌ، فاجتمع رأيهم على أن لا يقيموا على أحدٍ حدّاً في فرج استحلُّوه بتأويل القرآن، ولا قصاص في دمٍ استحلّوه بتأويل القرآن، ولا يردُّ مالٌ (٥) استحلّوه بتأويل القرآن، إلاّ أن يوجد شيء بعينه فيردّ إلى صاحبه. وقال الشافعيّ في قولٍ آخر: يضمن، وبه قال مالك.

(وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ بِقَتْلِ بَاغٍ مِثْلَهِ) في عسكرهم. وقال مالك والشّافعيّ: يجب موجب جنايته، لأنّ كلّ موضعٍ تجب فيه العبادات في أوقاتها، فهو كدار أهل العدل يجب فيه (ما يجب فيها) (٦) .


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) الكُراع: اسمٌ يَجْمع الخيل والسلاح. المعجم الوسيط ص ٧٨٣، مادة (كرع).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٤) سورة الحجرات، الآية (٩).
(٥) في المطبوع: ما، والمثبت من المخطوط.
(٦) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>