للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِهِ يَأْثَمُ. وَيَجِبُ القَوَدُ.

===

(وَبِهِ) أي بالقتل العمد لا بغيره من أنواع القتل (يَأْثَمُ) القاتل بالإجماع، ولقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا} (١) … الآية. ولما أخرجه البخاري عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال المسلم في فُسْحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً». والأحاديث في هذا الباب كثيرة.

(وَيَجِبُ) عطف على يأثم (القَوَدُ) أي القصاص عيناً، إلاّ أن يعفو الأولياء فيسقط الَقَوُد بِعَفْوهم، لا إلى شيءٍ، أو أن يصالحوا على مال، فيجب ذلك المال بالصلح لا بالقتل، لأنّ حقّهم القَوَد وقد أسقطوه. ووجوب القود عيناً هو المرجَّح من قول الشافعي، وروايةٌ عن مالك، وقول النَّخَعِي وسفيان الثوري، وابن شُبْرُمة. ويخير الولي في قول الشافعي بين القصاص وأخذ الدِّيَة بغير رضاء القاتل، وهو قول أحمد ومالك في روايةٍ، وابن سِيرِين، وابن المُسَيَّب وجمهور المحدّثين، لما أخرجه أصحاب الكتب الستة عن يَحْيَى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: لمّا فتح الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكّة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «إن الله حَبَس عن مكةَ الفِيلَ وسلّط عليها رسوله والمؤمنين». إلى أن قال: «ومَنْ قُتِل له قتيلٌ فهو بخير النَّظَرَيْن، إمّا أن يُعْطَى الدِّيَة، وإمّا أن يُقَاد أهلُ القتيل».

وما أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي شُرَيْح الخُزَاعِي (الكَعْبِيّ) (٢) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا فتح الله عليه مكة: «ألا إنكم يا معشر خُزَاعة قتلتم هذا القتيل من هُذَيل، وإني عاقِلُهُ، فمن قُتِل له بعد مقالتي هذه قتيلٌ فأهله بين خِيْرَتَيْن: إن أحبُّوا قتلوا، وإن أحبُّوا أخذوا العقل». ولفظ أبي داود: «إمّا أن يأخذوا العقل، أو يأخذوا القَوَد». وفي رواية: «أو يقتلوا». وما رواه الترمذي عن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل متعمِّداً دُفِعَ إلى أولياء المقتول: فإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا أخذوا الدِّيَة: وهي ثلاثون حِقّة (٣) ، وثلاثون جَذَعة (٤) ، وأربعون خَلِفَة (٥) ، وما صالحوا عليه فهو لهم».


(١) سورة النساء، الآية: (٣).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والصواب إثباته لموافقته لما في: سنن أَبي داود ٤/ ٦٤٣ - ٦٤٤، كتاب الدِّيات (٣٨)، باب ولي العمد يرضى بالدية (٤)، رقم (٤٥٠٤). وسنن الترمذي ٤/ ١٤، كتاب الديات (١٤)، باب ما جاء في حكم وليّ القتيل … (١٣)، رقم (١٤٠٦).
(٣) الحِقَّة: من الإبل: التي أَتمت الثالثة من عمرها ودخلت في الرابعة. معجم لغة الفقهاء ص ١٨٣.
(٤) الجَذَعَة: من الغنم: ما كان عمرها أَكثر من ستة أَشهر، ومن الإبل: ما أتم السنة الرابعة ودخل في الخامسة، ومن البقر: ما دخل في الثالثة. معجم لغة الفقهاء ص ١٦١.
(٥) الخَلِفَةُ: الناقة الحامل. معجم لغة الفقهاء ص ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>