للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ابن صالح: حدّثني اللَّيث: حدَّثني عقيل (١) ، عن ابن شِهاب قال: أخبرني سعيد بن المُسَيَّب: أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: مررت بالبقيع قبل أن يُقْتَل عمر، فوجدت أبا لُؤْلُؤة والهُرْمُزان وجُفَيْنة يَتَنَاجَوْنَ فلما رَأَوْني ثاروا، فسقط منهم خِنْجر له رأسان ونِصَابه (٢) وسطه، فلمّا قُتِلَ عمر، رآه عُبَيْد الله بن عمر فإذا هو الخِنجر الذي وصفه له عبد الرحمن. فانطلق عُبَيْد الله (٣) ومعه السيف، فقتل الهُرْمُزَان، ولمّا وجد مسَّ السيف قال: لا إله إلا الله، وغدا على جُفَيْنة، وكان من نصارى الحِيرة (٤) فقتله، وانطلق إلى بنت أَبي لُؤْلُؤة صغيرة تدّعي الإسلام فقتلها، وأراد أن لا يترك من السبيّ يومئذٍ أحداً إلاّ قتله، فاجتمع عليه المهاجرون فزجروه وعظموا عليه ما فعل، ولم يزل عمرو بن العاص يتلطّف به حتّى أخذ منه السيف.

فلمّا اسْتُخْلِف عثمان دعا المهاجرين والأنصار وقال لهم: أشيروا عليّ في هذا الذي فتق في الدين ما فتق فأشار عليه عليّ وبعض الصحابة بقتل عُبَيْد الله، وقال جُلّ النّاس: أَبْعَد الله جُفَينة والهُرْمُزَان، أتريدون أن تُتْبِعُوا عُبَيْد الله أباه؟ إنَّ هذا لرأيُ سوء. وقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين إن هذا كان قبل أن يكون لك على الناس سلطان. فتفرّق الناس على كلام عمرو بن العاص، ووَدَى (٥) الرجلين والجارية.

وفيه دليلٌ على سقوط الحدّ الواقع زمن البغي، فلمّا وُلِّيَ عليّ بن أبي طالب أراد قتله فهرب منه إلى معاوية، فقُتِلَ أيام صفِّين.

وكذا رواه ابن سعد في «الطبقات». قال الطَّحَاوي في هذا الحديث: إن المهاجرين أشاروا على عثمان بقتل عُبَيْد الله، وقد قتل الهُرْمُزَان وجُفَينة وهما ذميّان. فإن قيل: إنما أشاروا عليه لقتله ابنة أبي لُؤْلُؤة صغيرة تدّعي الإسلام، لا لقتله إيّاهما. قلنا: قولهم: أبعد الله جُفَيْنة والهُرْمُزَان يدلّ على أنه أراد قتله بهما. والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى. وتقدّم الخلاف في إسلام الصغير كما لا يخفى.


(١) حُرِّفت في المخطوط والمطبوع إِلى: اللّيث بن عقيل، والصواب ما أَثبتناه لموافقته لما في شرح معاني الآثار، ٣/ ١٩٣.
(٢) النِّصَاب: مقبض السّكين. المعجم الوسيط ص ٩٢٥، مادة (نصب).
(٣) حُرِّفت في المخطوط إِلى: عبد الله، والمثبت من المطبوع وهو الصواب لموافقته لما في شرح معاني الآثار ٤/ ١٩٤.
(٤) في المخطوط: الحِرّة، والمثبت من المطبوع وهو الصواب.
(٥) ودى القاتل القتيل: أَعطى وليّه ديته. المعجم الوسيط ص ١٠٢٢، مادة (ودى).

<<  <  ج: ص:  >  >>