للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاللِّسَانِ، وَفي الذَّكَرِ، إلاّ مِنَ الحَشَفَةِ.

===

على وَجْهٍ يقع البُرْء (وَ) لا في (اللِّسَانِ) وهو روايةٌ عن مالك، وقول أبي إسحاق من أصحاب الشّافعيّ.

وعن أبي يوسف: إذا قُطِعَ بعضُه لا يجب القَوَد، وإذا قُطِعَ من أصله يجب. وقال مالك في رواية والشافعي وأحمد: يجب القَوَدُ في كلِّه، وفي بعضه بقدره لقوله تعالى: {وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ} (١) (وَ) لا قود (في الذَّكَرِ إلاّ) إذا قطع (مِنَ الحَشَفَةِ) لأن موضع القطع معلومٌ، فصار كالمَفْصِلِ. وعند مالك والشَّافعيّ وأحمد: يجب القَوَد في الذَّكر لقوله تعالى: {والجُرُوحَ قِصَاصٌ} ولأن له حداً ينتهي إليه فيمكن القصاص فيه من غير حَيْف (٢) عليه.

ولنا: أن كلاًّ من الذَّكر واللِّسان ينقبض وينبسط، فلا يمكن فيهما المساواة من غير حَيْف. ولو قطع بعض الحَشَفَة لا قَوَد عندنا. وعند مالك والشّافعيّ وأحمد: يؤخذ النصف بالنصف، والرُّبع بالرُّبع، وما زاد أو نَقَص بحسابه من ذلك، كما في الأُذن. ولو قطع الخَتَّان بعض الحَشَفَة في الصّبيّ، أو في العبد فعليه حكومةُ عدل. وإن قطع الحَشَفَة كلّها، فإن بَرِأ فعليه في العبد كمال القيمة، وفي الصبي كمال الدِّيَة. وإن مات ففي العبد نصف القيمة، وفي الصبيّ نصف الدية، لأن التَلَف حصل بفعلين: أحدهما: مأذونٌ فيه وهو قطع الجلدة، والثاني: غير مأذون فيه وهو قطع الحَشَفة، فيجب نِصْفُ الضَّمان. وأمّا إن بَرِأَ، فلأنَّ قَطْع الجلدة مأذونٌ فيه (فجعل كأن لم يكن، وقَطْع الحَشَفَة غير مأذونٍ فيه) (٣) فوجب ضمان الحَشَفة كاملاً، وهو الدِّية في الصبيّ، وكمال القيمة في العبد.

وفي «مجموع النوازل»: ما ذكرنا أنه إن مات فعليه نصف الدِّية رواية محمد. وذكر في «الأصل»: أنه لا يجب شيءٌ إن مات. وموت الصبيّ بتأديب الأب أو الوصيّ يوجب الدِّية عند أبي حنيفة كموته من تأديب أُمّه، ومن تأديبٍ غيرِ معتادٍ لِمِثْله، لأن الضرورة الماسَّة إلى تأديبه تندفع بزجره وحبسه ونحوهما من غير ضربه، ولو اضطر إلى ضربه فالسلامة مشروطةٌ كتأديب الزَّوج زوجته، وهما أهدراه لأن تأديب الصبيّ لا بدّ لهما منه، وذا إنما يَحْصُل غالباً بالضَّرْب، فصار كضربه للتعليم، وضَرْب مُعَلِّمه بإذن


(١) سورة المائدة، الآية: (٤٥).
(٢) حاف عليه: جار وظلم. المعجم الوسيط ص ٢١٢، مادة (حاف).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>