باتفاقٍ، لأن الخطأ والدَّيْن موجبهما المال، وطريق ثبوت الميراث.
ثمّ اعلم أنّ العلماء أجمعوا على قبول بيّنة الحاضر، وعلى أنه لا يُقْضى بالقَوَد ما لم يحضر الغائب، لأن المقصود بالقضاء الاستيفاء، والحاضر لا يتمكّن منه إجماعاً، وعلى أن القاتل يُحْبَسُ لأنه صار متَّهماً بالقتل، والمتَّهم يُحْبَسُ. واختلفوا في إعادة البيّنة إذا حضر الغائب، فعند أبي حنيفة يكلّف الغائب بالإعادة، وعندهما لا يكلّف، وهو قياس قول مالك والشافعي وأحمد.
(وَالعِبْرَةُ بِحَالِ الرَّمي) أي بحال المَرْمِي في العصمة وعدمها، والحلّ وعدمه وقت الرمي عند أبي حنيفة (لا) بحال (الوُصُولِ) كما هو قولهما. (فَتَجِبُ الدِّيَةُ) عند أبي حنيفة (عَلَى مَنْ رَمَى مُسْلِماً فَارْتَدَّ) المَرْمِي إليه والعياذ بالله (فَوَصَلَ) إليه السهم فقتله. وقالا: لا شيء عليه، وهو قول مالك والشافعيّ وأحمد، لأن التلف حصل في محلَ لا عصمة فيه فيكون هَدْراً.
ويردّ شهادة اثنين اختلفا في مكان القتل أو زمانه أو فيما حصل به القتل من الآلة، أو قال أحدهما: قتله بِعَصاً، وقال الآخر: لم أدرِ بما إذا قتل، أو قال أحدهما: قتله بسلاحٍ، وقال الآخر: بعصاً. وإن شهدا بِقَتْله، وقالا: لم ندرِ بما إذا قُتِل من الآلة، تجب الدية استحساناً في ماله.
يصحّ الصلح عن القتل العمد على أكثر من الدِّية، لأنه افتداء لنفسه، ويكون المال حالاًّ (١) لالتزامه إيّاه بعقد الصلح، إلاّ أن يؤجله الوليّ إلى أجلٍ معلومٍ، لأن الحقّ له، فله تأجيله كسائر الديون المؤجَّلة.