للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

واعلم أن العلماء اختلفوا في الأصل في الدِّية، فقال الشّافعيّ، وأحمد في روايةٍ، وابن المُنْذِر: الإبل فقط، فتجب قيمتها بالغة ما بلغت لِمَا أخرجه أبو داود والنَّسائي وابن ماجه وصحّحه ابن القطَّان في كتابه، وابن حِبّان في «صحيحه» من حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مئة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها. ورواه النَّسائي وابن ماجه من حديث عبد الله ابن عمر، ولأنه صلى الله عليه وسلم فرّق بين دية شبه العمد ودية الخطأ، فغلّظ بعضها وخفّف بعضها، ولا يتحقق ذلك في غير الإبل. ولأن الإبل مُجْمَعٌ عليه، وما عداه مُخْتَلَفٌ فيه، فيؤخذ بالمتيقَّن.

وقال أبو حنيفة: الإبل والذهب والفضة، وهو قول أحمد، والشافعي في القديم. ومقتضى قول المالكية إن كان القاتل من أهل البوادي والعَمود (١) فمئةٌ من الإبل، وإن كان من أهل الذهب كأهل الشام ومصر والمغرب فألف دينارٍ، وإن كان من أهل الوَرِق، كأهل خُرَاسَان، والعراق، وفارس فاثني عشر ألف درهمٍ. وقال أبو يوسف ومحمد، وأحمد في روايةٍ، وهو رواية عن أبي حنيفة: الإبل والذهب والفضة والبقر مئتا بقرة، قيمة كل بقرة خمسون درهماً، والغنم ألفا شاة، (كلّ شاةٍ خمسة دراهم) (٢) ، والحُلَل مئتا حُلَّة (قيمة كلّ حُلَّةٍ خمسون درهماً)، وهي ثوبان: إزارٌ ورداءٌ، لما روى أبو داود عن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جدّه قال: كانت قيمة الدِّية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان مئة دينارٍ، أو ثمانية آلاف درهمٍ، ودية أهل الكتاب يومئذٍ النصف من دية المسلمين.

وقال: فكان ذلك حتى اسْتُخْلِفَ عمر فقام خطيباً فقال: ألا إن الإبل قد غَلَت ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينارٍ، وعلى أهل الوَرِق اثني عشر ألفاً، وعلى أهل البقر مئتي بقرة، وعلى أهل الشياه ألفي شاة، وعلى أهل الحُلَل مئتي حُلَّة. قال: وترك دية أهل الذِّمة لم يرفعها.

ولما في «آثار محمد بن الحسن» قال: أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم (٣) ، عن الشّعبيّ، عن عُبَيْدَة السلماني (٤) : قال وضع عمر الدِّيَات على أهل الذهب ألف دينارٍ،


(١) العِمادُ والعَمُودُ: الخشبةُ التي يقومُ عليها البيتُ - الخيمة -. النهاية ٣/ ٢٩٦.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) حرِّفت في المخطوط إلى: الهاشم، والمثبت من المطبوع وهو الصواب لموافقة لما في الآثار ص ٢٩٣.
(٤) حرِّفت في المطبوع إلى البيلماني، والمثبت من المخطوط وهو الصواب لموافقته لما في الآثار ص ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>