"وَصَحَّ رَضِيعٌ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ لا الجَنِينُ.
وَلِلْمَرْأَةِ نِصْفُ مَا لِلْرَّجُلِ في النَّفْسِ وَمَا دُونِهَا
===
كفارةٌ فيها عتقٌ وصيام شهرين متتابعين، فكان فيها إطعام ستين مسكيناً عند عدمها، ككفارة الظهار والفطر في رمضان. ولنا: أن المقادير لا تُعْرَف إلاّ بالنصّ، ولم يرد في الإطعام شيءٌ. (وَصَحَّ) في عِتْق الكفارة (رَضِيعٌ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ) لأنه مسلمٌ تبعاً، والظاهر سلامة أطرافه (لا الجَنِينُ) أي لا يصحّ في عتق الكفّارة الحمل، لأنه لم تُعْلَم حياته ولا سلامة أطرافه.
(وَ) الدِّية (لِلْمَرْأَةِ نِصْفُ مَا لِلْرَّجُلِ في النَّفْسِ وَمَا دُونهَا) وهو ظاهر مذهب الشافعي، ومختار ابن المُنْذِر، وبه قال الثَّوْرِي واللَّيْث وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَة وابن سِيرِين، لِمَا أخرجه البيهقي عن مُعَاذ بن جبلٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دِيَة المرأة على النّصف من دِيَة الرجل». وما أخرجه إبراهيم، عن عليّ بن أبي طالب أنه قال: عَقْل المرأة على النّصف من عَقْل الرَّجل في النَّفس، وفيما دونها. وروى الشافعي في «مسنده» عن ابن شِهَاب، عن مَكْحُولٍ وعطاء قالوا: أدركنا النّاس على أن دِيَة الحرّ المسلم على عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم مئة من الإبل، فقوّم عمر تلك الدِّية على أهل القرى ألف دينارٍ أو اثني عشر ألف درهمٍ، ودية الحرّة المسلمة (١) إذا كانت من أهل القرى خمس مئة دينارٍ، أو ستة آلاف درهمٍ، وإن كان الذي أصابها من الأعراب، فديتها خمسون من الإبل.
وقال الشافعي في القديم: ما دون الثلث لا يتنصَّف، وكذا الثلث، وبه قال مالك وأحمد، وهو قول الفقهاء السبعة وابن المُسَيَّب وعمر بن عبد العزيز وعُرْوة بن الزُّبَيْر والزُّهْرِيِ وقتادة والأعرج وربيعة، وروي عن عمر وابنه وزيد بن ثابت، لِمَا روى النَّسائي في «سننه» عن عيسى بن يونس الرَّمْلي، عن ضَمْرة، عن إسماعيل بن عَيَّاش، عن ابن جُرَيْج، عن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جدّه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عقل المرأة مثل عقل الرجل حتّى يبلغ العقل الثُّلُث من ديتها». وأخرج البَيْهَقِي عن الشَّعْبِيّ، عن زيد بن ثابت قال: جراحات الرِّجال والنِّساء سواء إلى الثلث، فما زاد فعلى النصف.
وأخرج أيضاً عن ربيعة أنه سأل ابن المُسَيَّب: كم في أصبع المرأة؟ قال: عشرة. قال: كم في اثنين؟ قال: عشرون قال: كم في ثلاث؟ قال: ثلاثون. قال: كم
(١) في المخطوط: الحرّ المسلم، والمثبت من المطبوع، وهو الصواب لموافقته لما في ترتيب مسند الإمام الشافعي، كتاب الديات ٢/ ١٠٩.