موجب فعل قصده، فلم تتحمله العاقلة كالعمد المحض، ولأنها دية مغلَّظة فأشبهت دية العمد. ولنا ما روى أبو هُرَيرة قال: اقتتلت امرأتان من هُذَيْل فرمت إحداهما الأخرى بحجرٍ، فقتلتها وما في بطنها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدِيَة المرأة على عاقلتها. وهو حديثٌ متفقٌ عليه. ولأنه قتلٌ لا يوجب القصاص، فوجب ديته على العاقلة كالخطأ.
(وفي الخَطَأِ) أي ودية الإبل في الخطأ (أَخْمَاسٌ مِنْهَا) أي من الأنواع الأربعة المتقدّمة (وَمِنْ ابْنِ مَخَاضٍ) بأن يكون عشرين ابن مَخَاض، وعشرين بنت لَبُون، وعشرين حِقَّة، وعشرين جَذَعة. وقال مالك والشافعي واللَّيث وربيعة: مكان عشرين ابن مخاض: عشرين ابن لَبُون، لما في الكتب الستة من حديث سَهْل بن أبي خَيْثَمَة في الذي وَدَاه النبيّ صلى الله عليه وسلم بمئة من إبل الصدقات، وبنو المخاض لا مدخل لها في الصدقات.
ولنا: ما أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في دية الخطأ: عشرون حِقّة، وعشرون جَذَعَة، وعشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون بني مخاض ذكور». قال الترمذي: لا نعرفه مرفوعاً إلاّ من هذا الوجه، وقد رُوِيَ عن عبد الله موقوفاً. وأجاب أصحابنا عن الذي وداه النبيّ صلى الله عليه وسلم من إبل الصدقة: بأَنه صلى الله عليه وسلم تبرّع بذلك، ولم يجعله حكماً. وقال النووي في «شرح مسلم»: المختار ما قاله جمهور أصحابنا وغيرهم من أن معناه: أنه صلى الله عليه وسلم اشتراها من أهل الصدقات بعد أن ملكوها، ثم دفعها تبرّعاً منه إلى القتيل. انتهى. وقيل: لا حجّة فيه، لأنهم لم يدَّعوا على أهل خيبر إلاّ قَتْلَه عمداً فيكون ديته دية العمد وهي من أسنان الصدقة، وإنما الخلاف في الخطأ.
(وَكَفَّارَتُهُمَا) أي شبه العمد والخطأ (عِتْقُ مُؤْمِنٍ، فإنْ عَجَزَ صَامَ شَهْرَيْنِ وِلَاءً) أي متتابعين لقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فِصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}(١) الآية. وإن كانت في الخطأ، إلاّ أنَّ شبه العمد خطأ في حقّ القتل، وإن كان عمداً في حقّ الضرب فتتناولهما الآية. ولا يجزاء في كفّارة القتل الإطعام، وقال الشافعي في قولٍ وأحمد في روايةٍ: إن لم يقدر على الصيام يجب إطعام ستين مسكيناً، لأنها