للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففي الأَنْفِ، وَالحَشَفَة، وَالعَقْلِ، وَإِحْدَى الحَوَاسِّ، وَاللِّسَانِ، إنْ مُنِعَ أَدَاء أَكْثَرِ الحُرُوفِ، وَاللِّحْيَةِ، وَشَعْرِ الرَّأْسِ، إِذَا لَمْ يَنْبُتْ: كُلُّ الدِّيَةِ.

===

وعمر كانا يجعلان دِيَة اليهوديّ والنصرانيّ المعاهديْن دِيَة الحرّ المسلم. وأخرج ابن أبي شَيْبَة نحوه عن عَلْقَمة ومُجَاهِد، وعطاء والشَّعْبِيّ، والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ، وروى عبد الرَّزَّاق عن أبي حنيفة، عن الحَكَم بن عُتَيْبَة (١) ، عن عليّ أنه قال: دِيَة كلّ ذميّ مثل دِيَة المسلم. قال أبو حنيفة: وهو قولي.

وتقدّم ما رواه عبد الرَّزَّاق عن محمد بن الحسن بسنده إلى عليّ أنه قال: ما كان له ذمتنا فدمه كدمنا، ودِيَته كدِيَتنا، ولأنه حرّ معصومُ الدم، فتكمَّل ديته كالمسلم. ودِيَة المجوسيّ كالكتابي عندنا، لا ثمان مئة درهمٍ فقط، كما قال مالك والشافعيّ، واستدلا بما تقدّم من رواية الشّافعيّ عن عمر نحوه أنه قضى في اليهودي والنصراني أربعة آلافٍ، وفي المجوسيّ ثمان مئة. ورواه عبد الرَّزَّاق، وابن أبي شَيْبَة في «مصنفيهما» عن عمر نحوه. ولنا: ما سبق من رواية أبي داود في «مراسيله» عن سعيد بن المُسَيَّب مرفوعاً: «دِيَة كلّ ذي عهد في عهده ألف دينارٍ».

(ففي الأَنْفِ) أي في إتلافه كلاًّ أو بعضاً (وَ) في (الحَشَفَة) سواء كانت وحدها، أو مع الذَّكر (وَ) في (العَقْلِ وَ) في (إِحْدَى الحَوَاس) وهي: السمع والبصر والشم والذوق و (اللمس) (٢) (وَ) في (اللِّسَانِ) كُلِّه أو بعضه (إنْ مُنِعَ أَدَاءَ أَكْثَرِ الحُرُوفِ وَ) في (اللِّحْيَةِ وَشَعْرِ الرَّأْسِ إِذَا لَمْ يَنْبُتْ) أي إذا حُلِقَ ولم ينبت الشعر سنةً، وكذا في الحَاجِبَيْنِ (كُلُّ الدِّيَةِ). والحاصل: أن الجناية إذا فوّتت منفعةً على الكمال، أو أزالت جَمَالاً مقصوداً في الآدمي على الكمال، تجب الدِّيَةُ، لأن ذلك إتلافٌ للنفس من وجهٍ، وأتلاف النَّفس من وجهٍ مُلْحَقٌ بإتلافها من كلّ وجهٍ.

أمّا الأنف فلِمَا روى عبد الرَّزَّاق في «مصنفه» عن ابن جُرَيْج عن ابن طاوُس أنه قال في الكتاب الذي عندهم عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «في الأنف إذا قُطِعَ مَارِنُهُ الدِّية». ومارنُ الأنف: طرفه أو مَا لَانَ منه، كما في «القاموس». وفي «سنن النَّسائي»، و «مراسيل أبي داود» عن سليمان بن أرْقَم، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي بكر بن محمد بن حَزْم، عن أبيه عن جدّه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتاباً إلى أهل اليمن فيه الفرائض والسنن والدِّيَاتِ، وبعث به مع عمرو بن حَزْم، فَقُرِئَتْ على أهل اليمن هذه نُسْخَتُهَا: من


(١) حُرِّفت في المطبوع إلى: الحاكم بن عيينة. وفي المخطوط: الحكم بن عيينة. والصواب ما
أثبتناه لما في نصب الراية ٤/ ٣٦٨، والتقريب ص ١٧٥. وسير أعلام النبلاء ٥/ ٢٠٨.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>