ولنا: أن المقصود من هذه الأعضاء المنفعة، فإذا لم تُعْلَم صحتها لم يجب الأرْش كاملاً، لأنه لا يجب بالشك. والظاهر لا يصلح حُجَّة للإلزام، بخلاف المارن والأذن الشاخصة من الصبي، لأن المقصود منها الجمال، وقد فوّته على الكمال.
(وَلَا يُقَادُ) بجرحٍ (إلاّ بَعْدَ بُرْءٍ) وهو قول مالك وأحمد وأكثر أهل العلم. وقال الشَّافعيّ: يجوز أن يُقَاد قبل البرء، ويستحبّ الانتظار اعتباراً بالقصاص في النفس. ولنا: ما روى أحمد في «مسنده» عن ابن جُرَيْج، عن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جدّه: أن رجلاً طعن رجلاً بقرنٍ في ركبته فقال: يا رسول الله أَقِدْنِي. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تعجل حتّى يبرأ جرحك». قال: فأَبى الرجل إلاّ أن يَسْتَقِيدَ، فأقاده عليه الصلاة والسلام. قال: فَعَرَج الرجل المُسْتَقِيد وبراء المُسْتَقاد. فأتى المستقيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله عرجت منه، وبراء صاحبي. فقال عليه الصلاة والسلام:«ألم آمرك أن لا تستقيد حتّى يبرأ جرحك فعصيتني، فأبعدك الله وبطل عرجك». ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد: من كان به جرحٌ أنْ لا يستقيد حتّى تبرأ جراحته، فإذا براء استقاد.
ولأن الجراحات يُعْتَبَرُ فيها مآلها، (لا حالها)(١) ، لأن حكمها في الحالّ غير معلوم لتوقّفه على المآل، ولعلها تسري إلى النَّفْس فيظهر أنه قَتْلٌ.
(وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَالمَجْنُونِ خَطَأٌ) وكذا عمد المعتوه (وَعَلَى العَاقِلَةِ) في عمدهم (الدِّيَةُ) وبه قال مالك وأحمد والشَّافعيّ في قول لِمَا أخرج البيهقيّ عن عليّ: أنّ عمد الصبيّ والمجنون خطأٌ. لكن قال في «المعرفة»: إسناده ضعيفٌ. (بِلَا كَفَّارَةٍ) عليهم (و) بلا (حِرْمَانِ إرْثٍ) وقال الشّافعيّ: تجب الكفارة عليهم وحرمان الميراث، لأنهما متعلقان عنده بالقتل، وقد وُجِدَ. ولنا: أن الكفَّارة تستر الذنب، ولا ذنب لهؤلاء، وحرمان الإرث عقوبة، وهم ليسوا من أهلها.