للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والقياس أن لا يجب في الجنين الساقط شيء، لأنه لم يتيقّن بحياته. فإن (قيل) (١) : الظاهر أنه حيّ، أُجِيبَ: بأن الظاهر لا يصلح حُجَّة للاستحقاق.

ووجه الاستحسان: ما في الصحيحين عن أبي هريرة: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قضى في جنين امرأة من بني لِحْيَان بغُرَّة: عبدٍ أو أمةٍ. وإنّما فسَّرنا الغُرَّة بخمس مئةٍ لما روى ابن أبي شَيْبَة في «مصنفه» عن إسماعيل بن عيّاش، عن زيد بن أسلم: أنّ عمر بن الخطّاب قوّم الغُرَّة خمسين ديناراً، وكل دينارٍ بعشرة دراهم. وأخرج البزَّار في «مسنده» عن عبد الله بن بُرَيْدة، عن أبيه: أنّ امرأةً حَذَفت امرأةً، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ولدها بخمس مئةٍ، ونهى عن الحذف. وأخرج أبو داود «في سننه» عن إبراهيم النَّخَعِي قال: الغُرَّة خمس مئة ـ يعني ـ درهماً. قال: وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: هي خمسون ديناراً. وروى إبراهيم الحَزْمي في كتابه «غريب الحديث» عن أحمد بن حنبل، عن وَكِيع، عن سُفْيَان، عن طارق، عن الشَّعْبِيّ: خمس مئة. وروى أيضاً عن أحمد بن حنبل عن عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، عن قتادة قال: الغُرَّة خمسون ديناراً.

وهي عندنا وعند الشَّافعيّ على عاقلة الضارب. وقال مالك: في ماله، لأنها بدل الجزء، وبه قال أحمد إذا كان ضَرْب الأم عمداً، ومات الجنين وحده. وأمّا إذا كان خطأً أو شبه عمدٍ، فقال: إنه على العاقلة. ولنا ما روى أبو داود في «سننه» عن المُغِيرَة ابن شُعْبَة: أن امرأتين كانتا تحت رجلٍ من هُذَيْل، فضربت إحداهما الأخرى بعمودٍ فقتلتها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أحد الرجلين: كيف تَدِي من لا صَاحَ ولا أكل ولا شرب ولا اسْتَهَلّ (٢) ؟ فقال له: «أسَجْعٌ كَسَجْعِ الأعراب؟ فقضى فيه غُرَّةً وجعله على عاقلة المرأة». وأخرجه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

ورواه الطَّبَرانيّ معلولاً في «معجمه» عن أبي المَلِيح الهُذَلي عن أبيه قال: كان فينا رجلٌ يقال (له) (٣) حَمَلُ بن مالك له إمرأتان: إحداهما هُذليَّة، والأخرى عَامِرِيّة. فضربت الهُذَليّة بطن العَامِرِيّة بعمود خِبَاءٍ أو فُسطَاط (٤) ، فألقت جنيناً ميتاً فانطلقوا بالضاربة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم معها أخٌ يقال له: عِمْران بن عُوَيْمر، فلمّا قصُّوا عليه القصة، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دُوهُ». قال له عِمْران: يا رسول الله أنَدِي


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) استهلال الصَّبيّ: تصويته عند ولادته. النهاية ٥/ ٢٧١.
(٣) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع والمخطوط، وهو من "المحجم الكبير" للطبراني ١/ ١٩٣، رقم (٥١٤).
(٤) الفُسْطاط: بيت يُتَّخذ من الشَّعر. المعجم الوسيط ص ٦٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>