للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفي طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ لا يَسَعُهُ بِلَا إذْنِ الشُّرَكَاءِ. وَضَمِنَ عَاقِلَتُهُ دِيَةَ مَنْ مَاتَ بِسُقُوطِهَا، كَمَا لَوْ وَضَعَ حَجَرًا في طَرِيقٍ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَتَلِفَ به إنْسَانٌ،

===

أبي يوسف: لكلّ أحدٍ أن يمنعه قبل الإحداث. وعلى قول محمدٍ: ليس لأحدٍ منعه قبل الإحداث ولا نقضه إذا لم يكن فيه ضررٌ بالناس، وبه قال مالك والشافعيّ (وأحمد) (١) والنَّخَعِيّ وإسحاق والأوْزَاعِيّ، لأنَّ الشرع أَذِنَ له في ذلك، فصار كما لو أذن له الإمام بل أولى، لأن إذن الشارع أحرى وولايته أقوى، وصار كالمرور حيث لا يجوز (لأحدٍ) (٢) أن يمنعه منه.

وأُجِيبَ بأنّ هذا انتفاعٌ بما لم يوضع له الطريق، فكان لهم منعه، وإن كان جائزاً في نفسه، بخلاف المرور فيه، لأنه انتفاعٌ بما وُضِع الطريق له، فلا يكون لأحدٍ منعه. (وَ) مَنْ أحدث ذلك (في طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ لا يَسَعُهُ) أي لا يجوز له (بِلَا إذْنِ الشُّرَكَاءِ) سواء أضرّ بهم أو لم يضرّ بخلاف النافذة، فإنّ الحقّ فيها لكلّ أحدٍ ويتعذَّر الوصول إلى إذن الكلّ، فجُعِلَ كل واحدٍ كأنه هو المالك وحده حكماً، كيلا يتعطَّل عليه طريق الانتفاع، ولا كذلك غير النافذة، لأن الوصول إلى إرضائهم ممكنٌ فبقي على الشركة حقيقةً.

(وَضَمِنَ عَاقِلَتُهُ) أي عاقلة من أحدث ذلك فتلف به نفسٌ (دِيَةَ مَنْ مَاتَ بِسُقُوطِهَا كَمَا لَوْ وَضَعَ حَجَراً في طَرِيقٍ أَوْ حَفَرَ بِئْراً) فيها (فَتَلفَ به إنْسَانٌ) لأنه متسبّبٌ بالتلف به، متعدَ بشغل الطريق، وبه قال مالك وأحمد. وقال الشَّافعي: إن سقطت خشبة ليست بمركّبة على حائطٍ يجب الضمان، وإن كانت مركّبةً يجب نصف الضمان، لأنه أتلف بما وضعه على ملكه وملك غيره فانقسم الضمان، ولو سقط المِيزَاب (فأصاب طرفه الداخل رجلاً فقتله، فلا ضمان على أحدٍ، لأن ذلك في ملكه فلا يكون متعدّياً فيه، وإن أصاب) (١) طرفه الخارج، فعليه الضمان، لأنه متعدَ فيه بشغل هواء الطريق. ولا كفَّارة عليه ولا حرمان ميراث، لأنه قتل بسببٍ، فلا يوجب الكفَّارة ولا الحرمان عندنا. ولو انتصف المِيزَاب، فسقط منه ما خرج عن الحائط ضمن جميع الدية، لأن كلّ ما خرج منه فهو، في ملك غيره.

وقال (أحمد) (٣) : يضمن جميع الدِّية في جميع الصور. وقال مالك والشَّافعيّ في القديم: لا ضمان عليه في جميع الصور، لأنه غير متعدَ في إخراجه، فلا يضمن ما تلف به، كما لو أخرجه في ملكه. وأمّا من رأى أعمى يقع في البئر، فلم يمنعه من


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>