للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الوقوع حتّى مات، أو رأى إنساناً يموت من الجوع ومعه طعامٌ، فلم يدفعه إليه حتّى مات، أو مرّ في الطريق وفيه حجرٌ، فلم يرفعه حتّى عثر فيه إنسانٌ ومات، فلا ضمان، وإن حَرُم عليه في الأُولَيَيْن وكُرِه له في الآخر.

ولو وَضَع إنسانٌ في الطريق جمراً، فاحترق به شيءٌ يضمن، لأنه متعدَ، ولو حرَّكت الريح الجمر إلى موضعٍ فأحرق شيئاً لا يضمن، لفسخ الريح فعله بتحويل الجمر، وإن حرّكت الريح الشَّرار يضمن عند بعضهم. وفي «الذَّخِيرَة»: هذا اختيار شمس الأئمة السَّرَخْسِي.

وكان الحَلْواني لا يقول بالضمان من غير تفصيلٍ، وهو قياس قول مالك والشافعيّ وأحمد.

ولو استأجر ربُّ الدَّار عَمَلَةً (١) لإخراج جَناحٍ (٢) أو ظُلَّة فوقع قبل أن يفرغوا منه (على إنسانِ فقتله فالضمان عليهم، لأن التَلَف بفعلهم. فإن العمل ما لم يفرغوا منه) (٣) لم يكن مسلّماً إلى ربّ الدَّار، وانقلب فعلهم قتلاً بالمباشرة حتّى وجب عليهم الكفارة وحُرِمُوا الميراث. ولو وَقَع بعد فراغهم فالضمان على ربّ الدَّار استحساناً، لأنه صحّ الإيجار حتّى استحقّوا الأجرة، ووقع فعلهم عِمارةً وإصلاحاً، فانتقل إلى المستأجر وصار كأنه فعله بنفسه.

ولو صَبَّ الماء في الطريق فعَطِبَ إنسانٌ أو دابةٌ يضمن، وكذا لو رشّ الماء أو توضَّأ به، لأنه متعدَ بإلحاق الضَّرر بالمارَّة. وأمّا إذا علم المارّ بالرّشّ ومضى على موضعه، فإن الرَّاشَّ لا يضمن. وقيل: هذا إذا رشّ بعض الطريق، لأنه يجد موضعاً للمرور ولا أثر للماء فيه. فإذا تعمَّد على موضع صب الماء مع علمه به، لم يضمن الرَّاشّ شيئاً. وإن رشّ جميع الطريق يضمن، لأن المارّ مضطرٌ حينئذٍ، وكذا الحكم في الخشبة والحجر الموضوعَيْن في الطريق في أخذهما جميعه أو بعضه. وإن رشّ فِناء حانوتٍ بإذن صاحبه فضمان ما عَطِب على الآمِر استحساناً.

ولو حمل المارّ شيئاً فسقط منه على إنسانٍ أو مالٍ فتلف به يكون مضموناً، لا ما تلف بسقوط رداءٍ ونحوه عن لابسه في حال مروره أو بالتعثر به. وكذا لا يضمن ما


(١) العَمَلَة: العاملون بأَيديهم. القاموس المحيط ص ١٣٣٩، مادة (العمل).
(٢) الجناح: الرَّوْشَن. المعجم الوسيط ص ١٣٩، مادة (جنح). والرَّوْشن هو الشُّرْفة المعجم الوسيط، ص ٣٤٧، مادة (رشن).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>