للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا مَا نَفَحَتْ بِطَرَفِ رِجْلِهَا، أوْ ذَنَبِهَا،

===

برأسها أو عضّته أو خبطته أو صدمته بجسدِها، لأن الاحتراز عن هذه الأشياء ممكنٌ، فإنها ليست من ضرورات السير (لَا مَا نَفَحَتْ) بالحاء المهملة أي لا يضمن الرَّاكب ما نفحت الدابة أي ضربته (بِطَرَفِ رِجْلِهَا أوْذَنَبِهَا) حال سيرها، لأن الاحتراز عن النَّفْحَة مع السير غير ممكن، لأنها من ضروراته، ولما روى محمد بن الحسن في كتاب «الآثار»: أخبرنا أبو حنيفة، عن إبراهيم النَّخَعِيّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العَجْمَاء (١) جُبَار (٢) ، والقَلِيب (٣) جُبَار، والرِّجْل جُبَار، والمَعْدِن جُبَار، وفي الرِّكاز الخمس». ورواه الدَّارقُطْنِيّ عن آدم بن أبي إياس، عن شُعْبَة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة مرفوعاً: نحوه سواء. ورواه أبو داود والنَّسائي عن سفيان بن حسين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الرِّجْل جُبَار».

قيّدنا بسيرها، لأنه لو أوقفها في الطريق وهو راكبها ضمن النَّفْحة أيضاً، لأنه يمكنه التحرّز عن وقوفه إياها وإن لم يمكنه عن النَّفْحَة، فصار متعدّياً بشغل الطريق بها فيضمن. ولو وقفها في ملكه لا يضمن إلاّ الإيطاء وهو راكبها، لأنه مباشر لحصول القتل بثقله، ولهذا يَحْرُم به الميراث، وتجب به الكفارة. ولو كان في ملك غيره: فإن كان بإذن مالكه، فهو كما لو كان في ملكه، وإن كان بغير إذنه: فإن دخلت هي بنفسها لا يضمن شيئاً، وإن أدخلها ضمن جميع ما جَنَتْ، سواء كانت واقفة أو سائرة، وسواء كان معها من يسوقها أو يقودها، أو كان راكبها أو لم يكن، لوجود التعدّي بالإدخال.

وباب المسجد كالطريق في الوقوف. ولو جعل الإمام موضعاً لوقوف الدَّواب عند باب المسجد، فلا ضمان فيما حدث من الوقوف فيه، فكذا وقوف الدابة في سوق الدواب، لأنه مأذونٌ فيه من جهة السلطان.

وفي «الذَّخِيرَة»: ولو وقفها صاحبها في طريق المسلمين ضمن ما تلف بفعلها في وجوه الإتلاف كلها، لأنه بوقوف الدابة في طريق المسلمين كان متسبباً، لأن الطريق للسلوك والسير (لا) (٤) للوقوف. ولو كانت سائرة فيه ولم يكن صاحبها معها، فإن كان سيرها بإرساله ضمن ما دام سيرها في وجهها ذلك ولم تَحِدْ عنه يميناً ولا


(١) العجماء: البهيمة. النهاية ٣/ ١٨٧.
(٢) الجُبَار: الهَدَر. النهاية ١/ ٢٣٦.
(٣) في المطبوع: القلب، والمثبت من المخطوط. ومعنى القَلِيب: البئر التي لم تُطْوَ - تُبْنَى -. النهاية ٤/ ٩٨.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>