للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ تَلِفَ بِمَا رَاثَتْ أَوْ بَالَتْ في الطَّرِيقِ: سَائِرَةً أَوْ أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ. أَوْ أَصَابَتْ حَصَاةً، أَوْ حَجَرًا صَغِيرًا، أوْ نَحْوَهُ، فَفَقَأ عَينًا.

وَضَمِنَ بِالْحَجَرِ الكَبِيرِ.

===

شمالاً، لأن إرسالها بلا حافظ يحفظها سبب للإتلاف، وهو به متعدَ. وإن كان سيرها بنفسها، فلا ضمان على صاحبها في الوجوه كلّها. وإن كان صاحبها معها وهي تسير، فإن كان راكبها فما وطئت بيدها أو رجلها فصاحبها مباشر للتلف، وما عضّت فصاحبها متسبّب متعدَ، لأنه يمكنه حفظ الدابة عن (الكَدْم) (١) بإبعادها عن المكدوم (٢) ، لأنه يكون بين عينيه.

وقال التُّمُرْتَاشِيُّ: لو كانت سائرة وصاحبها معها قائداً أو سائقاً أو راكباً، يضمن جميع ما جَنَتْ إلاّ النَّفْحَة بالرِّجل أو الذنب، وبه قال أحمد في روايةٍ. وقال في رواية يضمنها، وهو مذهب الشافعي وقول ابن أبي ليلى، كما أوقف دابته فنفحت برجلها أو ذنبها، لأن وقوفها مباحٌ مقيّد بشرط السلامة، فكذا تسييرها.

ولنا: أنه متعدَ بوقوفها دون تسييرها، لأن الطريق للتسيير والسلوك دون الوقوف، فيكون (متعدّياً) (١) فيما يمكنه أن يحترز عنه، وهو لم يتحرز. والنفحة (بالرجل) (١) والذَّنب ممّا لا يمكن التحرّز عنه، لأنه من ضرورات السير.

(أَوْ تَلِفَ) أي ولا يضمن الرَّاكب ما تلف (بِمَا رَاثَتْ أَوْ بَالَتْ في الطَّرِيقِ سَائِرَةً (أَوْ) (١) أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ) أي لِتَرُوثَ أو لِتَبُولَ، لأن من الدَّواب ما لا يفعل ذلك إلاّ بالوقوف. وأما لو كان أوقفها بغير ذلك، فعَطِبَ إنسانٌ بروثها أو بولها ضمن، لأنه متعدَ بوقوفها، إذ ليس هو من ضرورات السير، وهو أكثر ضرراً من السير، لكونه أدون منه فلا يلتحق به.

(أَوْ أَصَابَتْ) بيدها أو رجلها (حَصَاةً أَوْ حَجَراً صَغِيراً أوْ نَحْوَهُ) كالنواة (فَفَقَأَ عَيْناً) أو أثار غباراً فأفسد ثوباً (وَضَمِنَ بِالْحَجَرِ الكَبِيرِ) لأن التحرّز في سير الدَّابة عن الحجر الصغير والغبار متعذّر، إذ سير الدّواب لا يَعْرَى عنه، عن الحجر الكبير لا يتعذّر، لأن سيرها ينفك عنه عادةً، وإنما يكون ذلك من تعنيف الرَّاكب، فيكون من فعله.

والرَّديف فيما ذكرنا كالرَّاكب، لأن المعنى لا يختلف في ذلك، وبه قال


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والكدم: أَثر العَضِّ. المعجم الوسيط ص ٧٨، مادة (كدم).
(٢) في المخطوط: المعضوض، والمثبت من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>