للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّائِقُ وَالقَائِدُ كالرَّاكِبِ، إِلاَّ أنّ الكَفَّارَةَ عَلَيْهِ فَقَطْ.

وَإنِ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ، ضَمِنَ عَاقِلَةُ كُلٍّ دِيَةَ الآخَرَ

===

مالك: وقال الشّافعيّ وإسحاق: لا يضمن الرَّديف لأنه (تبع) (١) للرَّاكب. وقال أحمد: أرجو أن لا شيء عليه إذا كان أمامه من يمسك العِنَان. ولنا: أن الدابة في أيديهما، وتيسر بتسيير كل منهما وتصريفه كيف شاء (وَالسَّائِقُ وَالقَائِدُ كالرَّاكِبِ) عند أكثر المشايخ، فكل شيءٍ يضمنه الرَّاكب يضمنانه (إِلاَّ أنّ الكَفَّارَةَ) في الإيطاء، وكذا حرمان الإرث والوصية (عَلَيْهِ) أي على الرَّاكب (فَقَطْ) أي لا عليهما.

وفي «جامع المَحْبُوبي»: لو ساق دابةً عليها وِقْرٌ (٢) من الحِنْطَة فأتلفت شيئاً، فإن قال السائق والقائد: إليك إليك، وسمع مَنْ على الطريق هذه المقالة ولم يذهب فهو على وجهين: إمّا أن لا يبرح من مكانه باختياره، أو أن لا يجد مكاناً آخر ليذهب فمكث في مكانه. ففي الوجه الأول: لا يضمن صاحب الدابة، وفي الثاني: يضمن، لأنه مضطرٌ في المقام في هذا بخلاف الأول. وإن لم يقل الرَّاكب: إليك إليك، أو قال ولم يسمع مَنْ على الطريق يضمن الراكب والسائق، لأن التلف مضافٌ إليه. انتهى.

ومن القواعد: أن الحكم يُضَاف إلى الوصف الأخير، كَما قالوا في السفينة المملؤة إذا طرح فيها واحدٌ مَنّا (٣) فغرقت، فالضمان على الذي وضع المَنّ الزائد، لأن الغرق يُضَاف إليه. (وَإِنِ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ) أو ماشيان وهما حرّان خطأً فماتا (ضَمِنَ عَاقِلَهُّ كلَ) منهما (دِيَةَ الآخَرَ) استحساناً. وقال مالك والشافعيّ وزُفَر: ضمن كلّ واحد منهما نصف دية الآخر وهو القياس، لأن كلّ واحدٍ منهما مات بفعل نفسه وفعل صاحبه، لأنه بصدمته آلم نفسه وصاحبه، فيهدر نصفه ويضمن نصفه، وصار كما لو كان الاصطدام عمداً، أو جرح كل واحدٍ منهما نفسه وصاحبه، أو حفرا على الطريق بئراً فانهار عليهما، حيث يجب على كلَ منهما نصف دِيَة الآخر.

ولنا ـ وهو قول أحمد ـ (ما روى) (٤) عبد الرَّزَّاق في «مصنفه» في القَسَامة (٥)


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) الوِقْرُ: الحِمل الثقيل. المعجم الوسيط ص ١٠٤٩، مادة (وقر).
(٣) المنُّ: مِكيال سعته رطلان عراقيان، أَو أَربعون إستارًا = ٨١٥.٣٩ غرامًا. معجم لغة الفقهاء ص ٤٦٠.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٥) القَسَامَةُ: اليمين، وهي أَن يُقْسِم خمسون من أَولياء الدم على استحقاقهم دمَ صاحبهم إِذا وجدوه =

<<  <  ج: ص:  >  >>