للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأُخِّرَ إلى العِتْقِ في الإقْرَارِ بِمَالٍ، وعُجِّلَ بَحَدٍّ وَقَود.

وَلَا يُحْجَرُ بِسَفَهٍ، وَفِسْقٍ، وَدَيْنٍ. وَحُجِرَ مُفْتٍ مَاجِنٌ، وَطَبِيبٌ جَاهِلٌ، وَمُكَارٍ مُفْلِسٌ

===

قتل إنساناً، أو قطع يده، أو أراق شيئاً لا يمكن جعل ما ذكر كالعدم، لأنه يؤدّي إلى إبطال العصمة، وهو قولٌ باطلٌ عند جمهور الأئمة، بخلاف الأقوال فإن اعتبارها بالشرع في جميع الأحوال، فأمكن أن لا تعتبر شرعاً بالنسبة إلى بعض دون بعض لعارضٍ.

(وَأُخِّرَ) العبد (إلى العِتْقِ في الإقْرَارِ بِمَالٍ) لأن إقرار العبد نافذٌ في حقّ نفسه، لقيام أهليته ـ لكونه مكلفاً ـ غير نافذٍ في حقّ سيده، لأن نفاذه في حقّه لا يخلو عن تعلّق الدين برقبته، أو كسبه، وكلاهما لسيده، فلا يستحقّ شيء منهما بإقراره، لأن إقرار الإنسان لا يُقْبَل على غيره. فإن أقرَّ العبد بمالٍ لم يلزمه في الحال لقيام المانع، ولزمه بعد الحرية لانتفائه.

(وعُجِّلَ) في الإقرار (بَحَدَ وَقَودٍ) لأن العبد فيهما مبقّى على أصل الحرية، لأنهما من خواص الآدمية، وهو ليس بمملوكٍ من حيث إِنه آدميٌّ بل من حيث إِنه مالٌ، وإذا كان فيهما مُبَقَّى على أصل الحريّة نفذ إقراره بهما في الحال، لأنه أقرّ بما هو حقّه وبطل حقُّ المولى ضمناً، وفيه خلاف زُفَر.

(وَلَا يُحْجَرُ) عند أبي حنيفة على الحرّ العاقل البالغ (بِسَفَهٍ) وهو الإسراف في النفقة والتبذير لا لغرضٍ أو لغرضٍ لا يعتبره العقلاء من أهل الديانة، مثل: دفع المال إلى المغنين واللّعابين، وشراء الحمام الطيّارة بالثَّمن الغالي (وَفِسْقٍ) إذا كان الفاسق مصلِحاً لماله، وحَجَر عليه الشافعي، (وَدَيْنٍ) بفتح الدّالِ، لأنه حرٌّ مخاطَبٌ، فكان مطلق التصرُّف في ماله كالرشيد، كتزوّجه وطلاقه اتفاقاً. (وَحُجِرَ) عنده (مُفْتٍ مَاجِنٌ) وفُسِّرَ بالذي يُعَلّم الناس الحِيَل (وَطَبِيبٌ جَاهِلٌ، وَمُكَارٍ مُفْلِسٌ) وهو الذي يُكَاري على دابة للسفر ويأخذ الكراء ولا دابة له. وإنما رأى أبو حنيفة الحَجْر على هؤلاء دفعاً لضررهم عن الناس.

ولا يحجُر القاضي على المديون الذي خِيفَ منه إتلاف ماله بطريق الإقرار عند أبي حنيفة وإن طلب غرماؤه الحَجْر عليه، لأن فيه إهدار أقواله وإلحاقه بالبهائهم، فلا يجوز لدفع ضررٍ خاصٍ، بل يحبسه كما سيأتي. ويحْجر عند أبي يوسف ومحمد ومالك والشافعي وأحمد بالدين إذا طلب الغرماء من القاضي الحَجْر عليه، فيمنعه من البيع والتصرّف والإقرار نظراً للغرماء كيلا يضرّ بهم، ولِمَا روى الدَّارَقُطْنِيّ عن كعب

<<  <  ج: ص:  >  >>