للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا عَرْضَه وَلَا عَقَارَهُ. وَمَنْ أَفْلَسَ وَمَعَهُ عَرْضٌ شَرَاهُ، فَبَائِعُهُ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ.

وَبُلُوغُ الغَلَام: بالاحْتِلامِ، والإِحْبَالِ، والإنْزَالِ، وَالجَارِيَةِ: بالاحْتِلام، والحَيْض، والإنْزَالِ، والحَبَلِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ،

===

وهو مختار الحَلْوَاني. وقيل: يُتْرَك له دَسْتان لئلا يقعد في بيته مَلُوماً مَحْسُوراً إذا غسل ثيابه. وفي «الفتاوى الصغرى»: إذا كان له ثياب حسنة يمكنه الاكتفاء بما دونها تباع ويكتفي بالدون. (لَا عَرْضَه) (١) بسكون الراء (وَلَا عَقَارَهُ) أي لا يبيع القاضي عَرْض المديون ولا عقاره لقضاء دينه، لأَن البيع لا بدّ فيه من الرِّضاء من الجانبين، ولا رضا هنا من جانب المالك.

(وَمَنْ أَفْلَسَ وَمَعَهُ عَرْضٌ شَرَاهُ فَبَائِعُهُ أسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ) أراد من كون العَرْض معه أنه قبضه بإذن بائعه، واحترز به عمّن أفلس قبل قبض عرْضٍ شراه، فإن بائعه لا يكون أسوةً للغرماء، بل له أن يحبس العرْض حتّى يقبض الثمن، وعمّن أفلس بعد قبض العرْض بغير إذن بائعه، فإن لبائعه أن يستردّه ويحبسه بالثمن. وقال مالك والشافعيّ وأحمد: بائع العرض أحقّ به في حياة المشتري، وبعد مماته هو أحقّ به عند الشافعيّ فقط، لِمَا في الصحيحين عن أبي هُرَيْرَة أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أدرك مالَه بعينه عند رجلٍ قد أفلس، فهو أحقُّ به من غيره».

وأول أحوال البلوغ مبدأ مفارقة السَفَه باعتبار الصبا وبقاء أثره كبقاء عينه، وإذا امتدّ الزمان فظهرت الخبرة والتجربة لم يبق أثرُهُ وحدث ضَرْب من الرشد لا محالة، لأنه حالَ (كمالِ) لُبّه، فقد رُوِيَ عن عمر أنه قال: ينتهي لبّ الرجل إذا بلغ خمساً وعشرين سنةً.

(وَحَبَسَ القَاضِي المَدْيُونَ) عند أبي حنيفة كغيره (لِدَيْنِهِ) أي ليقضي المديون ما عليه من الدين ببيع ماله أو بغيره، وإِنَّما يحبسه دفعاً لظّلمه بمطله. ولا يكون هذا الحبس إكراهاً على بيعه، لأن المقصود منه حمل المديون على قضاء دينه بأي طريقٍ شاء في حقّه. (وَقَضَى) أي وَفَّى القاضي بلا أمر المديون (دَرَاهِمَ دَيْنِهِ مِنْ دَرَاهِمِهِ) أي دراهم المديون (وَ) قضى (دَنَانِيرَهُ) أي دنانير دين المديون (مِنْ دَنَانِيرِهِ) أي دنانير المديون، لأن الدائن لمّا كان له أن يأخذ دينه إذا ظفِر بجنس حقّه من غير رضاء المديون، كان للقاضي أن يعينه على ذلك، وصار هذا الفعل منه إعانةً للدائن على أخذ حقّه.

(وَبَاعَ) القاضي كُلاًّ من الدَّراهم والدنانير (لِقَضَاءِ الآخَرِ) فيبيع الدَّراهم لقضاء الدنانير وبالعكس، وهذا استحسانٌ، والقياس أن لا يبيع كالعُروض. ووجه الاستحسان: أنّ الدَّراهم والدنانير متَّحدان في الثمنية والمالية ـ ولذا يضمّ أحدهما إلى الآخر في الزكاة ـ مختلفان في الصورة حقيقةً ـ وهو ظاهر ـ وحكماً، لأن ربا الفضل لا يجري بينهما. فبالنظر إلى الاتحاد ثبت للقاضي ولاية التصرُّف، وبالنظر إلى الاختلاف لم يثبت للدائن الأخذ عند الظفر بأحدهما عملاً بالشبهين.

ويُقْسم ثمنه بين الغرماء بالحصص، ويُنفَق عليه وعلى من يلزمه نفقته من زوجته وأولاده الصغار وذوي الأرحام ممّا في يده، لأن حاجته الأصلية مقدّمة على حقّ الغرماء، ويُتْرَك له من ثياب بدنه دَسْت، ويباع الباقي لوقوع الكفاية بالواحد، وهو مختار الحَلْوَاني. وقيل: يُتْرَك له دَسْتان لئلا يقعد في بيته مَلُوماً مَحْسُوراً إذا غسل ثيابه. وفي «الفتاوى الصغرى»: إذا كان له ثياب حسنة يمكنه الاكتفاء بما دونها تباع ويكتفي بالدون. (لَا عَرْضَه) بسكون الراء (وَلَا عَقَارَهُ) أي لا يبيع القاضي عَرْض المديون ولا عقاره لقضاء دينه، لأَن البيع لا بدّ فيه من الرِّضاء من الجانبين، ولا رضا هنا من جانب المالك.

(وَمَنْ أَفْلَسَ وَمَعَهُ عَرْضٌ شَرَاهُ فَبَائِعُهُ أسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ) أراد من كون العَرْض معه أنه قبضه بإذن بائعه، واحترز به عمّن أفلس قبل قبض عرْضٍ شراه، فإن بائعه لا يكون أسوةً للغرماء، بل له أن يحبس العرْض حتّى يقبض الثمن، وعمّن أفلس بعد قبض العرْض بغير إذن بائعه، فإن لبائعه أن يستردّه ويحبسه بالثمن. وقال مالك والشافعيّ وأحمد: بائع العرض أحقّ به في حياة المشتري، وبعد مماته هو أحقّ به عند الشافعيّ فقط، لِمَا في الصحيحين عن أبي هُرَيْرَة أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أدرك مالَه بعينه عند رجلٍ قد أفلس، فهو أحقُّ به من غيره».

ولنا قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرةٍ} (٢) ، وذلك إن المشتري إذا أفلس استحقّ بهذا النصِّ النَّظِرة إلى الميسرة، فليس للبائع أن يطالبه قبلها، ولا فسخ بدون المطالبة بالثمن. والحديث محمولٌ على المغصوبات، والودائع، والرَّهن، والعوارِي، والإجارات.

(وَبُلُوغُ الغُلَام: بالاحْتِلامِ، والإِحْبَالِ، والإنْزَالِ، وَ) وبلوغ (الجَارِيَةِ: بالاحْتِلام، والحَيْض، والإنْزَالِ، (والحَبَلِ) (٣) ) والأصل هو الإنزال لقوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الحُلُمَ} (٤) ولكون الحَبَل والإحْبَال لا يكونان إلاّ مع الإنزال، وكذا الحيض لا يكون عادةً إلاّ في وقت الحَبَل، والحَبَل لا يكون إلاّ من الإنزال، وهذا لأن البلوغ عبارة عن بلوغ الإنسان كمال الأحوال. (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ) مِنْ ذلك فحتّى يتمّ له ثماني عشرة سنةً، وقيل: تسع عشرة سنة. ويتمّ لها سبع عشرة، وهذا عند أبي حنيفة،


(١) العَرْض: المتاع. المعجم الوسيط ص ٥٩٤، مادة (عرض).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٢٨٠).
(٣) ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط.
(٤) سورة النور، الآية: (٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>