للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَحِينَ يَتِمُّ لَهُمَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَبِهِ يُفْتَى.

مُدَّتُهُ لَهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَهَا تِسْعٌ، فَصُدِّقَا حِينئذٍ إِنْ أقرَّ بِهِ.

===

لأنه بلوغ أشدّ الصبا عند ابن عباس والقبتي، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إلاّ بالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} (١) . وقيل: اثنتان وعشرون سنةً، وقيل: خمسٌ وعشرون سنةً، وأقلّ ما قالوا ثماني عشرة سنةً، فوجب تعليق الحكم (٢) عليه للاحتياط، ولأنه متَّفقٌ عليه. غير أن الجارية أسرع إدراكاً من الغلام فنقصنا في حقّها سنة لاشتمالها على الفصول الأربعة، فربّما يوافق فصلٌ مزاجها.

وأمّا عند أبي يوسف ومحمد ومالك والشافعي وأحمد: (فَحِينَ يَتِمُّ لَهُما خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً) وهو رواية عن أبي حنيفة (وَبِهِ يُفْتَى) لأن ابن عمر عُرِض على النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم أحد وهو ابن أربعَ عَشْرَة سنةً ولم يُجِزْهُ، وعُرِضَ عليه يوم الخندق وهو ابن خمسَ عشرةَ سنة فأجازه، ولأن بلوغهما لا يتأخّر عن الخمسَ عَشرَةَ عادةً، والعادة إحدى الحُجج الشرعية فيما لا نصّ فيه.

وأدْنَى (مُدَّتِه) أي مدة البلوغ بالاحتلام وغيره (لَهُ) أي حال كون المدّة للغلام (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَهَا) أي حال كون المدّة للجارية (تِسْعٌ) ولا يخفى أنّ ذلك لا يُعْرف إلاّ بسماعٍ أو تتبّعٍ. وفي «شرح مسلم»: ومن ظرف أحوال عبد الله بن عمرو بن العاص أَنّه ليس بينه وبين أبيه في الولادة إلاّ إحدى عشرةَ سنةً، وقيل: اثنتيْ عشرةَ سنة (فَصُدِّقَا حِينئذٍ إِنْ أقرَّ بِهِ) أي صدّق الغلام إن أقرّ بالبلوغ باحتلام أو نحوه في اثنتي عشرة سنة. وصدّقت الجارية إن أقرّت بذلك في تسع، لأن ما أقرّا به لا يُعْرف إلاّ من جهتهما، فَيُقْبَلُ فيه قولهما، كما يُقْبَلُ قول المرأة فيما لا يَطَّلِعُ عليه غيرها كالحيض.


(١) سورة الأنعام، الآية. (١٥٢).
(٢) في المطبوع الحلم، والمثبت من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>