للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، وَيُوَكِّلُ بِهِمَا، وَيَرْهَنُ وَيَرْتَهِنُ، ويَتَقَبّلُ الأَرْضَ وَيَأْخُذُهَا مُزَارَعَةً، وَيَشْتَرِي بَذْرًا يَزْرَعُهُ، أَوْ يُشَارِكُ عِنَانًا.

وَيَدْفَعُ المَالَ وَيَأْخُذُهُ مُضَارَبَةً، وَيَسْتَأْجِرُ وَيُؤجِرُ،

===

فاسداً، كذا في «الهداية» وغيرها. وقال مالك الشافعيّ وأحمد وزُفَر: لا يَثْبُتُ الإذن بسكوت المَوْلى إذا رأى عبده يبيع ويشتري، لأن السكوت يحتمل الرضا وغيرَه، فلا يَثْبُت رضاه بالشَّك.

ولنا: أنّ العادة جرت بأن مَنْ لا يرضى بتصرّف عبده ينهاه عنه، بل يؤدّبه عليه، فإذا لم ينهه وسكت كان ذلك إذناً له دِلالةً، ودفعاً للضَّرر عن الناس في المعاملة، فإنهم يعتقدون ذلك إطلاقاً منه فيبايعونه، وحملاً لفعله على ما يقتضيه الشرع والعُرْف. كما في سكوت النبي صلى الله عليه وسلم عند أمر يعاينه عن التغيير والنكير، وسكوت البِكْر والشفيع.

(فَيَبِيعُ) أي فيجوز أن يبيع المأذون (وَيَشْتَرِي وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) وقالا: لا يجوز بالغبن الفاحش، لأنه يجري مَجْرى التّبرع. ولأبي حنيفة: أنه تجارة لا تبرّع (وَيُوَكِّلُ بِهِمَا) أي بالبيع والشِّراء، لأنه من توابع التجارة وربّما عجز عن مباشرة الكلِّ بنفسه فيحتاج إلى الإعانة (وَيرْهَنُ وَيَرْتَهِنُ) لأن فيهما إيفاءً واستيفاء (ويَتَقَبّلُ الأَرْضَ) أي يأخذها قِبالةً (١) بالاستئجار والمساقاة (٢) (وَيَأْخُذُهَا مُزَارَعَةً وَيَشْتَرِي بَذْراً يَزْرَعُهُ) في أرضه، لأنه به يحصل الربح (أَوْ يُشَارِكُ عِنَاناً) (٣) قيّد به، لأنه لا يشارك مفاوضةً (٤) ، لأنها تتضمّن الكفالة، وهو لا يملكها لكونها تبرّعاً (وَيَدْفَعُ المَالَ وَيَأْخُذُهُ مُضَارَبَةً) (٥) أي أخذاً مضاربةً، وهو مفعول مطلق للفعلين من باب التنازع (وَيَسْتَأْجِرُ) البيوت والحوانيت والأجراء، لأن ذلك كلّه من صنيع التجار (وَيُؤجِرُ) نفسه، وعند مالك والشافعيّ وأحمد: لا يُؤجِرها، لأن الإذن له بالتجارة لا يتناول نفسه، فلا يتناول منافعها، لأنها تابعة لها، ولهذا لم يكن له أن يبيع نفسه ولا أن يَرْهَنها.

ولنا: أن الإجارة من باب التجارة، إذ هي بيع المنافع، ولا يلزم من امتناع بيع


(١) القِبَالة: الحمل يلتزمه الإنسان. المعجم الوسيط ص ٧١٢، مادة (قبل).
(٢) ساقى فلانا شجرة أَو أَرضه: دفعها إِليه واستحمله فيها ليعْمرَها ويسقيها ويقوم بإصلاحها، على أَن يكون له سهمٌ معلومٌ من الرّيع والمحصول. المعجم الوسيط ص ٤٣٧، مادة (سقى).
(٣) شركة العِنَان: تَصحُّ مع تساوي المال واختلاف الربح، ومع اختلاف المال وتساوي الربح، ومع اختلاف مال كلّ من الشريكين عن الآخر. معجم لغة الفقهاء ص ٢٦١.
(٤) شركة المفاوضة: شركة يتساوى فيها الأطراف، مالًا وتصرُّفًا. المعجم الوسيط ص ٧٠٦، مادة (فوّض).
(٥) المُضَاربة: عقد شركة في الرّبح بمالٍ من رجلٍ وعملٍ من آخر. المعجم الوسيط ص ٥٣٧، مادة (ضرب).

<<  <  ج: ص:  >  >>