للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويُقِرُّ بِوَدِيعَةٍ وغَصْبٍ وَدَيْنٍ، وَلَوْ بَعْدَ الحَجْرِ. وَيهْدِي طَعَامًا يَسيرًا، وَيُضِيفُ مَنْ يُطْعِمُهُ وَمَنْ يُعَامِلُهُ، وَيَحُطُّ مِنَ الثَّمَنِ بِعَيْبٍ قَدْرًا عُهِدَ. وَلَا يُزَوِّجُ، وَلَا يُكَاتِبُ، وَلَا يَعْتِقُ.

وَكُلُّ دَيْن وَجَبَ بِتِجَارةٍ أوْ بِمَا هُوَ في مَعْنَاهَا كَغُرْمِ وَدِيعَةٍ، وَغَصْبٍ، وَأَمَانَةٍ جَحَدَهَا، وَعُقْرٍ

===

النفس امتناعُ إجارتها. ألا ترى أن الحرّ لا يملك بيع نفسه، ويملك إجارتها.

(وَيُقِرُّ بِوَدِيعَةٍ) لأنّ التاجر قد لا يجد بُدّاً من ذلك، فكان من توابع التجارة (وغَصْبٍ) لأن ضمان الغَصْب عندنا ضمان معاوضة، فكان من باب التجارة (وَدَيْنٍ) سواء كان دين معاملة أو غيرها، لأن الإقرار به من توابع التجارة، وعند مالك والشافعي وأحمد: يُقِرّ بدين المعاملة فقط. (وَلَوْ) كان إقراره (بَعْدَ الحَجْرِ) وهذا عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد، وهو قول مالك والشَّافعي وأحمد: لا يصحّ بعد الحَجْر.

(ويُهْدِي) المَأْذون (طَعَاماً يَسيراً) وعند مالك والشافعيّ لا يُهديه إلاّ بإذنه (وَيُضِيفُ مَنْ يُطْعِمُهُ) لأنه عوضٌ عن طعامه (وَمَنْ يُعَامِلُهُ) ولو لم يطعمه، لأنّ التُّجار قد يحتاجون إلى ذلك (وَيَحُطُّ) المأذون (مِنَ الثَّمَنِ بِعَيْبٍ قَدْراً عُهِدَ) من التجار حطُّه. وأمّا الحطّ بدون العيب بعد تمام العقد فلا يجوز، لأنه تبرّع محض.

(وَلَا يُزَوِّجُ) المأذون عبده أو أمته، لأن التزويج ليس من باب التجارة، بل ربّما يترتّب عليه نوع من الخسارة. وقال أبو يوسف: يزوّج الأمة، لأن في تزويجها تحصيلَ المهر وسقوطَ النفقة، فكان كإجارتها. وأمّا المُكَاتب (١) والأب والوصيّ فيملكون الكسب في مال الصغير فلهم تزويجها، وذلك لا يختصّ بالتجارة. وجعل صاحب «الهداية» الأب والوصيّ على هذا الخلاف، وهو سهوٌ، فإنه ذكر المسألة في كتاب المُكَاتب ولم يذكر فيهما خلافاً، بل جعلهما كالمكاتَب، وكذا في عامة كتب أصحابنا، «كالمبسوط» و «مختصر الكافي» «والتَّتمة»، كذا في «شرح الكنز».

(وَلَا يُكَاتِبُ) (المأذون) (٢) عبده، لأن التجارة مبادلة المال بالمال، والكتابة مبادلة المال بفك الحَجْر في الحال. (وَلَا يَعْتِقُ) عبده، لأن العتق فوق الكتابة.

(وَكُلّ دَيْن) مبتدأ مضاف، صفته (وَجَبَ بِتِجَارَةٍ) كبيع وشراء، وإجارة واستئجار (أوْ بِمَا هُوَ في مَعْنَاهَا) أي التجارة (كَغُرْمِ وَدِيعَةٍ، وَغَصْبٍ، وَأَمَانَةٍ جَحَدَهَا، وَعُقْرٍ (٣)


(١) سبق شرحها ص ١٣، التعليقة رقم: (٧).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) العقرُ: مهر المرأَة إذ وُطِئَت بشُبهة. المعجم الوسيط ص ٦١٥، مادة (عقر).

<<  <  ج: ص:  >  >>