وَجَبَ بِوَطْاءِ مَشْرِيَّةٍ) أي جارية مشتراة (بَعْدَ الاسْتِحْقَاقِ) لأنه لاستناده إلى الشراء التحق به (يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ) خبر المبتدأ المقدّم، ومعنى تعلّق الدين برقبته أنه (يُبَاعُ فِيهِ) إلا أن يفْدِيه المولى (وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ) بين الغرماء (بِالحِصَصِ) لتعلّق حقّ الغرماء برقبته، فصار كتعلّقه بمالٍ تركه.
ويُشْتَرَطُ لبيع العبد نفسه أن يكون مولاه حاضراً، لأن المولى هو الخصم في رقبة العبد، كما إذا ادّعى رقبته إنسان، ولا يُشْتَرَط ذلك لبيع العبد كسبه بل يشترط حضور العبد، لأن العبد هو الخصم في كسبه. وقال مالك والشافعيّ وزُفَر: يتعلّق بكسبه لا برقبته، لأن رقبته ليست من كَسْبه، فلا يباع فيه كسائر أموال المولى، وذلك أن رقبته مِلْك المولى، فلا يتعلّق بها الدين إلاّ بتعليقه.
ولنا: أنّ هذا دينٌ ظهر وجوبه في حقّ المولى بسبب العبد، فيتعلّق برقبته، كدين الاستهلاك، والمهر، ونفقة الزوجة.
(وبكسبٍ) أي ويتعلّق الدين المذكور بكسبٍ (حَصَلَ) من العبد (قَبْلَ الدَّيْنِ أوْ بَعْدَهُ وَبِمَا اتّهَبَ) له قبله (لَا) أي لا يتعلّق الدَّين المذكور (بِمَا أَخَذَهُ سَيِّدُهُ مِنْهُ قَبْلَ الدَّيْنِ) لأنه أخذه حين كان فارغاً عن الحاجة، فخلص له بمجرد القبض، (وَطُولِبَ) العبد (بِمَا بَقِيَ) من ديونه التي عليه لا في الحال بل (بَعْدَ عِتْقِهِ) لأنه ثابتٌ في ذمته يستوفيه عنه أهله إذا قَدِر على أيفائه، ولا يقدر على ذلك إلاّ بعد عتقه، إذ لا يمكن بيعه ثانياً ولا استسعاؤه (١) ، لأن المشتري يتضرّر بذلك.
(وَلِلسَّيِّدِ أخْذُ غَلَّةِ مِثْلِهِ) أي مثل العبد (مَعَ وُجُودِ دَيْنٍ) على العبد، إذ لم يكن له ذلك لحجر عليه، فلا يحصل الكسب (وَالبَاقِي) بعد ما أخذ السيّد (لِلْغُرَمَاءِ) لعدم الضرورة فيه وتقدُّم حقّهم.
(ويُحْجَرُ) العبد المأذون (إِنْ أَبَقَ) وعند مالك والشّافعيّ وأحمد وزُفَر: لا ينحجر بالإباق، لأنه لا ينافي ابتداء الإذن، حتّى لو أذن لعبده المحجور عليه الآبق صحَّ.
(١) استسعى العبد: كلّفه من العمل ما يؤدّي به عن نفسه إذا أَعتق بعضه، ليعتق به ما بقي. المعجم الوسيط ص ٤٣٢ - ٤٣٣، مادة (سعي).