للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ مَاتَ سَيِّدُهُ، أو جُنَّ مُطْبِقًا، أوْ لَحِقَ بِدَارِ الحَرْبِ مُرتَدًّا، أوْ حَجَرَ عَلَيهِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ هُوَ وَأَكْثَرُ أَهْلِ سُوقِهِ.

والأَمَةُ إِنِ اسْتَوَلَدَهَا

===

وجاز للعبد أن يتَّجر إذا بلغه الإذن، فلا ينافي دوامه. ولنا: أن العادة جرت بأن المولى لا يرضى بتصرّف عبده الخارج عن طاعته فكان حَجْراً عليه دلالةً، مع أن الإباق يمنع الإذن ابتداءً عندنا على ما ذكره شيخ الأسلام خَوَاهِرْ زَادَه في «مبسوطه». ولو سُلِّم فإن الدلالة لا تعتبر مع التصريح بخلافها.

(أَوْ) إن (مَاتَ سَيِّدُهُ، أو) إن (جُنَّ مُطْبِقاً أوْ لَحِقَ بِدَارِ الحَرْبِ مُرْتَدّاً) وإن لم يعلم به، لأن الإذن غير لازمٍ، وما يكون من التصرّف غير لازمٍ يُعْطَى لدوامه حكم ابتدائه، فلا بدّ من قيام أهلية الإذن في حالة البقاء، وهي تنعدم بالموت والجنون، وكذا باللحوق، لأنه موت حكميّ حتّى قُسِّم ماله بين ورثته.

(أوْ حَجَرَ) سيّده (عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ هُوَ) أي المأذون (وَأَكْثَرُ أَهْلِ سُوقِهِ) أي سوق العبد، لأن إعلام الكل قد يَعْسُر، فيقام الأكثر مقام الكل، كما في تبليغ الرسالة من الرسل. وقال مالك والشّافعيّ وأحمد: وبلا علمهم أيضاً، لأن المولى تصرّف في خالص حقّه، فينفذ ولا يتوقف على علم غيره.

ولنا: أنّ الحجر لو صحّ بدون علمهم لَلَحِق الضَّرر بهم بتأخير حقّهم إلى ما بعد عتقه، لأن دَيْنَه حين حجره لا يتعلّق برقبته وكسبه، وقد باعوا منه على رجاء التعلّق بهما. وقيّد بالأكثر لأن المولى لو حجر عليه بحضرة الأقلّ من أهل سوقه لم يَصِر محجوراً عليه.

(والأَمَةُ) أي وتنحجر الأمة (إِنِ اسْتَوَلَدَهَا) سيدها. وقال: زُفَر: لا تصير المأذون لها بالاستيلاد (١) محجوراً عليها، وهو القياس، لأن الاستيلاد لا يمنع الإِذن ابتداءً، فإن المولى إذا أذن لأمّ ولده جاز، فكذا بقاءً. ووجه الاستحسان: أَنْ في استيلاد المولى لها دلالةً على حجره عليها، لأن العادة جارية بتحصّن أمهات الأولاد، وعدم رضاء مَواليهنَّ باختلاطهنّ بالرجال في المعاملة والتجارة، ودلالة الحَجْر كصريحه. وإنما صحّ الإذن لأُمّ الولد (٢) ، لأن الدلالة لا اعتبار لها مع التصريح بخلافها. قيّد بالاستيلاد، لأن المأذون لها لا تصير محجوراً عليها بالتدبير، إذ لا عادة بتحصين المدبّرة (٣) فلم


(١) الاستيلاد: وطء الأمة المملوكة ابتغاء الولد منها. معجم لغة الفقهاء ص ٦٧.
(٢) سبق شرحها ص ١٣، التعليقة رقم: (٨).
(٣) سبق شرحها ص ١٣، التعليقة رقم: (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>