وَبِالْثُّلُثِ لِلأَجْنَبيِّ، لَا في أَكْثَرَ مِنْهُ،
===
لكن (إِنْ وَلَدَتْ) الحامل بالموصى له أَوْ به (لأَقَلَّ مِنْ مُدَّتِهِ) أَي مدّة الحمل ـ وهو ستة أَشهر ـ (مِنْ وَقْتِهَا) أَي الوصية. ولا يخفى الفرق بين أَقلّ مدّة الحمل وبين الأقلّ من مدّته.
(وَهِي) الضمير للوصية، والعطف على المستتر في صحّت، أَي وصحّت الوصية (والاسْتِثْنَاءُ فِي وَصِيَّتِهِ بِأَمَةٍ إِلاّ حَمْلَهَا) يعني أَنّ من أَوصى بأَمةٍ واستثنى حَمْلَها صحّت وصيته واستثناؤه، لأن الحمل يجوز إِفراده بالوصية، فيجوز استثناؤه فيها، لأن كل ما جاز إِيرادُ عقدٍ عليه جاز إِخراجه منه.
(وَمِنَ المُسْلِم) عطفٌ على للحمل، أَي وصحّت الوصية من المسلم (لِلذِّمِّيِّ وَبِعَكْسِهِ) وهو الوصية من الذميّ للمسلم، لأنه بعقد الذمة التحق بالمسلمين في المعاملات. ولهذا جاز التبرّع المنجّز من الجانبين في حال الحياة، فكذا المضاف إِلى ما بعد الممات. وكذا المستأْمن في حكم الذمي، بخلاف الحربيّ على أَنْ فيه خلافاً أَيضاً، والمعتمد عدم صحة الوصية له.
ففي «الجامع الصغير»: أَنْ الوصية باطلة لأهل الحرب، لقوله تعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِيْنَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ في الدِّين ولم يُخْرجُوكم من دِيَارِكم أنْ تبرُّوهم وتُقْسِطوا إِليهم إن ايحبُ المقسطين إِنما يَنْهَاكُم اعن الذين قاتلوكم في الدِّين وأَخرجوكم مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأَؤُلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُوْنَ}(١) ، فالآية الأولى تدلّ على جواز الوصية للذميّ، والآية الأخيرة على بطلان الوصية للحربيّ.
(وَبِالْثُّلُثِ) أَي وصحّت الوصية بالثُّلُث (لِلأَجْنَبِيِّ) ولو لم يجز الورثة، لِمَا أَخرجه ابن ماجه في «سننه» عن طَلْحَة بن عمرو المَكِّي، عن عطاء بن أَبي رباح، عن أَبي هُرَيْرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنّ الله تصدّق عليكم عند وفاتكم بثلث أَموالكم زيادة لكم في أَعمالكم». وكذا رواه البزَّار في «مسنده». ورواه الدَّارَقُطْنِي عن مُعَاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِنْ الله تصدّق عليكم بثُلُث أَموالكم عند وفاتكم زيادةً في حسناتكم، ليجعلها لكم زيادة في أَعمالكم». وعليه إِجماع الأُمة.
(لَا في أَكْثَرَ مِنْهُ) أَي ولا تصحّ الوصية للأجنبي بأَكثر من الثلث، لقوله عليه