للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا لِوَارِثهِ وَقَاتِلِهِ مُبَاشَرَةً، إِلَّا بإجَازَةِ وَرَثتِهِ، وَلَا مِنْ صَبِيٍّ

===

الصلاة والسلام في حديث سعد بن أَبي وقّاص أَنه قال: مرضت عام الفتح مرضاً أَشْفَيْتُ (١) على الموت، فأَتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودُني فقلت: يا رسول الله إِنّ لي مالاً كثيراً، وإِنما يرثني ابنتي أَفَأُوصي بمالي كلِّه؟ قال: «لا»، قلت: فبالثلثين؟ قال: «لا»، قلت: فبالنصف؟ قال: «لا»، قلت: فبالثلث؟ قال: «الثلث، والثلث كثير». رواه أَصحاب الكتب الستة.

(وَلَا لِوَارِثِهِ) لِمَا أَخرجه أَبو داود والترمذي وابن ماجه عن إِسماعيل بن عيّاش، عن شُرَحْبِيل بن مسلم، عن أَبي أُمَامَة: أَنْ النبي صلى الله عليه وسلم خطب فقال: «إِنْ الله قد أَعطى كلّ ذي حقَ حقه، فلا وصيةَ لوارثٍ». قال الترمذي: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وأَخرجه أَيضاً الترمذي والنَّسائي وابن ماجه عن قَتَادة، عن شَهْر بن حَوْشَب، عن عبد الرحمن بن غُنْم، عن عَمْرو بن خَارِجة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الترمذي: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ويُرْوَى عن ابن عبّاس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا وصية لوارث إِلاّ أَنْ يشاء الورثةُ». ويعتبر كونه وارثاً وقت الموت لا وقت الوصية.

(وَقَاتِلِهِ) أَي ولا يصحّ وصية الشخص لقاتله (مُبَاشَرَةً) عمداً كان القتل أَوْ خطأَ، كما يُحْرَمُ القاتلُ الوارث الميراث. قيّد بالمباشرة، لأن التسبب في القتل لا يمنع الوصية ولا الإرث، لأنه ليس بقتلٍ حقيقةً (إِلاَّ بإِجَازَةِ وَرَثَتِهِ) استثناء من المنفيات الثلاث، لأن امتناع الوصية فيها إِنما هو لحقّ الورثة.

(وَلَا) تصحّ الوصية (مِنْ صَبِيَ) وعند مالك والشافعيّ وأَحمد: تصحّ منه في وجوه الخير إِذا كان مميِّزاً، لِمَا في «الموطأ»: أَنه قيل لعمر بن الخطَّاب: إِنْ ههنا غلاماً لم يحتلم من غسَّان (٢) ، ووارثه بالشَّام، وهو ذو مال وليس هنا إِلا ابنة عمَ له. فقال (٣) : فلْيُوْصِ لها (قال: فأَوصى لها بمالٍ) (٤) يقال له بئر جُشَم. قال (٥) : فبيعت بثلاثين أَلفَ درهمٍ.

ولنا: أَنها تبرّع، فلا تصحّ منه، كالهبة والصدقة، وهذا لأن اعتبار عقله فيما ينفعه


(١) في المطبوع: أَشفقت، والمثبت من المخطوط وهو الصواب لموافقته لما في صحيح مسلم ٣/ ١٢٥٠ - ١٢٥١، كتاب الوصية (٢٥)، باب الوصية بالثلث (١)، رقم (٥ - ١٦٢٨). ومعنى أَشفيت: أَشرفت. النهاية ٢/ ٤٨٩.
(٢) في المطبوع: عنان، والمثبت من المخطوط، وهو الصواب لموافقته لما في موطّأ الإمام مالك ٢/ ٧٦٢، كتاب الوصية (٣٧). باب جواز وصية الصغير والضعيف والمصاب والسفيه (٢). رقم (٢).
(٣) أَي عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع والمخطوط. ومستدرك من موطأ الإمام مالك (الموضع السابق).
(٥) أَي عمرو بن سُلَيْم الزُّرْقيّ راوي الخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>