ولا يَضْرِبُ المُوْصَى لَهُ بأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ أَبي حَنِيفَةَ،
===
بَلَغَ نَفَقَتُهُ ذَلِكَ) أَي الإحجاج من بلده راكباً، لأن الواجب على الموصِي أَنْ يحج من بلده راكباً، إِذْ لا يلزمه المشي عندنا. وإِن قدر عليه، فيجب الإحجاج عنه على الوجه الذي لزمه. (وإِلاَّ) أَي وإِن لم يبلغ نفقته الإحجاج من بلده راكباً (فَمِنْ حَيْثُ) أَي فيحجّ عنه من مكانٍ (تَبْلغُ نَفَقَتُهُ) ذلك، لأن مقصود الموصِي تنفيذ الوصية، وقد أَمكن على هذا الوجه.
(فَإِنْ مَاتَ حَاجٌّ) أَي مريد الحج (فِي طَرِيْقِهِ، أَوْ أَوْصَى بالحَجِ يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ) فإِن أَحَجَّوا عنه من موضعٍ آخر، فإِن كان أَقرب من بلده إِلى مكّة ضمنوا النَّفقة، وإِن كان أَبعد لم يضمنوا، لأنهم في الأول لم يحصّلوا مقصود الموصِي بصفة الكمال، وإِطلاقه يقتضي ذلك. وفي الثاني حصّلوا مقصوده وزيادة، وهذا عند أَبي حنيفة. وقالا: يحجّ عنه من حيث مات، وعلى هذا الخلاف إِذا مات الحاجّ عن غيره في الطريق. لهما: أَنْ السفر بنية الحجّ وقع قُرْبة، فسقط فَرض قطع المسافة بقدره، وقد وقع أَجره على الله، فيبتداء من مكان الموت، كأَنه من أَهله بخلاف سفر التجارة، لأنه لم يقع قُرْبه، فيحجّ عنه من بلده اتفاقاً. ولأبي حنيفة: أَنْ الوصية تنصرف إِلى الحجّ من بلده أَداءً للواجب على الوجه الذي وجب.
(وَفِي وَصِيَّتِهِ) أَي الموصِي (بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيُدٍ وسُدُسِهِ لآخَرَ وَلَمْ يُجِيْزُوا) أَي الورثة (يُثَلَّثُ) أَي يُجْعَل الثلث ثلاثة أَسهم، فيُعْطَى منها صاحب السُّدُس واحداً، وصاحب الثلث اثنين، لأن كلّ واحدٍ منهما يستحقّ بسببٍ صحيح، وقد ضاق الثلث عنهما، فيُقسَم بينهما على قَدْر حقِّهما كما في أَصحاب الدّيون فيجعل الأَقل سهماً فصار الثلث ثلاثة أَسهمٍ سهمٌ لصاحبه، وسهمان لصاحب الأكثر.
(وَبِثُلثِهِ) عطف على بثلث ماله أَي وفي وصية المُوْصِي بثلث مالِهِ لزيدٍ (وكُلِّهِ) لآخر (يُنَصَّفُ) أَي يُجْعَل الثلث نصفين (وَقَالَا: يُرَبَّعُ أَي يُجعل الثُّلُث أَربعة ويُعطى صاحب الثلث رُبُعاً منه، وصاحب الكلّ الثلاثة الأَرباع).