للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعَصْرِ مِنهُ إلى الغُروبِ

===

ولأبي حنيفة ما في «الصحيحين»: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَلُكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجلٍ استأجر أجِيراً، فقال: من يَعْمَل لي من غُدْوَة إلى نصف النهار على قِيرَاطٍ فعملتِ اليهود، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل لي من العصر إلى غروب الشمس على قيراطين، فأنتم هم. فغضبت اليهود والنصارى، وقالوا: كنا أكثر عملاً، وأقل عطاء. قال: هل ظلمتكم من أجركم شيئاً؟ قالوا: لا. قال: فذلك فضلي أُعْطِيه من أشاء». ومن المعلوم أنه لا يكون النصارى أكثر عملاً، إلاّ إذا كان وقت العصر من صيرورة ظل كل شيء مِثْلَيْه.

فإن قيل: من الزوال إلى صيرورة ظل كل شيء مثله (١) أكثر من وقت صيرورة ظل كل شيء مثله إلى آخر النهار، فيتحقّق كون النصارى أكثر عملاً على هذا التقدير. أُجِيبَ بأن التفاوت بين هذين الوقتين لا يعرفه إلاّ الحُسَّاب، والمراد من الحديث تَفَاوُتٌ يظهر لكلِ أحد من الأمة. وإذا تعارضت الآثار لا ينقضي (٢) الوقت بالشك، أو ينقضي (٣) ولا يدخل (الثاني) (٤) بالشك على القولين. قال أبو يوسف: هذا استدلالٌ حسنٌ، لكن النص الذي رَوَيْنَا فوق هذا.

وفي «المحيط»: ومعرفة الزوال بأن تُغْرَزَ خشبةٌ مستويةٌ في أرضٍ مستويةٍ قبل الزوال، فما دام الظل يَنْقُص لم تَزُل الشمس، فإذا لم يَظْهَر له زيادة ولا نقص، فهو وقت الظهيرة ـ أي الاستواء ـ فإذا أخذ الظل في الزيادة، فقد زالت الشمس، فخُطَّ على رأس الزيادة خطاً، فيكون من الخط إلى العود فيء الزَّوَال، فإذا صار الظل من الخط مِثْلَيْن أو مِثْلاً على الخلاف، فهو وقت (العصر) (٥) . هذا، ووقت الجمعة: وقت الظهر. وعند مالك: لا يَخْرُج إلى المغرب، وعند الحنابلة: يجوز قبل الزَّوَال.

(والعَصْرِ) أي ووقت صلاة العصر (مِنْهُ) أي من آخر وقت الظهر على الروايتين (إلى الغُرُوبِ) أي غَيْبُوبة الشمس كلها. وقال الحسن بن زياد: إلى الاصفرار، لِمَا رَوَى مسلم من حديث عبد الله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وقت العصر ما لم تَصْفَرَّ الشمس».

ولنا: ما في «الكُتُب الستة» من حديث أبي هُرَيْرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من


(١) في المطبوع: مثليه، والمثبت من المخطوط.
(٢) في المطبوع: ينقص، والمثبت من المخطوط.
(٣) في المطبوع: ينقص، والمثبت من المخطوط.
(٤) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٥) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>