للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأقَارِبُهُ وَذُو أنْسَابِهِ: رَحِمُهُ، الأقْرَبُ فَالأَقْرَبُ غَيْرَ الوَالِدَيْنَ، وَالوَلَدِ.

وَفي وَلَدِ زَيْدٍ: الذَّكَرُ وَالأُنْثَى سَوَاء، وَفي وَرَثَتِهِ: ذَكَرٌ كأُنْثَييِنْ، وفي بني فُلَانٍ: الأُنْثَى مِنْهُم.

===

(وَأقَارِبُهُ) وذو قرابته وأقربائه وأرحامه وأنسابه (وَذُو أنْسَابِهِ) هم عند أبي حنيفة: مَحْرَمَاهُ فصاعداً من ذوي (رَحِمه، الأقْرَبُ فَالأَقْرَبُ غَيْرَ الوَالِدَيْنَ وَالوَلَدِ) وعندهما كل من يُنْسب إلى أقصى أب له في الإسلام، وإن لم يُسْلم ذلك الأقصى بعد أن أدرك الإسلام، أو إن أسلم، على اختلاف المشايخ. وفائدة هذا الاختلاف تظهر في مثل أبي طالب وعليّ رضي الله عنه إذا وقعت الوصية لأحدٍ من أقرباء عليّ، فمَنْ اكتفى بإدراك الإسلام صَرَفها إلى أولاد أبي طالب، ومَنْ شرط الإسلام صرفها إلى أولاد عليّ لا غير، ولا يدخل أولاد عبد المَطلب بالاتفاق، لأنه لم يدرك الإسلام.

لهما: أن الاسم يتناول الكلّ. ولأبي حنيفة: أن الوصية أخت الميراث، وفي الميراث يُعْتَبر الأقرب فالأقرب، وكذا في أخته، والقصد من هذه الوصية تلافي ما فَرَّط في إقامة واجب الصلة، وهو مختصٌّ بذي الرَّحم المحْرَم، وأما قرابة الوِلاد فلا يُسَمَّون أقرباء عادةً. ألا ترى إلى عطف القريب على الوالدين في قوله تعالى: {الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينِ} (١) والعطف يقتضي المغايرة، ويدخل الجدّ والجدّة وولد الولد في ظاهر الرواية. وعن أبي حنيفة وأبي يوسف: لا يدخلون.

قَيَّدَ بالمَحْرَم، لأنه لو انعدم بطلت الوصية. وقيّد بالانثنين فصاعداً، لأن الواحد لا يأخذه عنده، لأن المذكور لفظ الجمع، وفي الميراث يُرَاد بالجمع: المثنى فصاعداً، فكذا في الوصية. ويستوي الحرُّ والعبد، والمسلم والكافر، والصغير والكبير، والذَّكر والأنثى على المذهبين.

(وَفي وَلَدِ زَيْدٍ) أي في الوصية لولد زيد (الذَّكَرُ وَالأُنْثَى سَوَاء) لأن اسم الولد يشمل الكلّ، وليس في اللفظ شيء يقتضي التفضيل. (وَفي وَرَثَتِهِ) أي وفي الوصية لورثة زيد يأخذ (ذَكَرٌ كأُنْثَييْنِ) لأن الورثة مشتقّة من الوراثة، وبناء الحكم على المشتق يُشْعِر بأن مأخذ الاشتقاق علّة ذلك الحكم، والوراثة بين الأولاد والأخوة للذّكر مثل حظّ الأنْثَيَيْن، فكذا الوصية.

(وفي بني فُلَانٍ) تأخذ (الأُنْثَى مِنْهُم) في قول أبي حنيفة الأوّل، وهو قولهما، لأن جمع الذكور يتناول الإناث. قال الله تعالى: {وَإنْ كَانَوا إخْوةً رِجَالاً وَنِسَاءً} (٢) ،


(١) سورة البقرة، الآية: (١٨٠).
(٢) سورة النساء، الآية: (١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>