للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبَطَلَتِ الوَصِيَّةُ لِمَوَالِيهِ، فِيمَنْ لَهُ مُعْتِقُونَ وَمَعْتَقُون. وَصَحَّتْ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ، وَسُكْنَى دَارِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَأبَدَاً، وبغَلَّتِهِمَا. فإنْ خَرَجَتِ الرَّقَبَةُ مِنَ الثُّلُثِ سُلِّمَتْ إِلَيْهِ، وإلّا قُسِمَتِ الدَّارُ وتَهَايؤُا العَبْدَ.

===

ثم رجع وقال: يأخذ الذكور خاصّةً، لأن حقيقة الاسم للذكور، وانتظامه للإناث تجوُّز، والكلام بحقيقته. وهذا بخلاف ما إذا كان بنو فلانٍ: اسم قبيلةٍ أو فَخِذٍ (١) ، حيث يتناول الذُّكور والإناث، لأنه لا يُرَاد أعيانهم بل مجرد انتسابهم كبني آدم، ولذا يدخل فيه مولى العَتَاقة (٢) ، ومولى الموالاة (٣) ، وخلفاؤهم.

(وبَطَلَتِ الوَصِيَّةُ لِمَوَالِيهِ) مطلقاً (فِيمَنْ لَهُ مُعْتِقُونَ وَمَعْتَقُون) لأن لفظ المولى مشتركٌ بينهما، فلا ينتظمهما في موضع الإثبات، ولا قرينة تدلّ على أحدهما، بخلاف ما لو حلف لا يكلّم موالي فلان، حيث يتناول الأعلى والأسفل، لأنه في مقام النفيّ ولا تنافي فيه. وقيل: يكون لهما، وهو رواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف، وهو قول الشّافعيّ وزُفَر. وقيل: يجعلها أبو يوسف للأعلى، لأن شكر الإنعام واجبٌ، وفضل الانعام مندوبٌ، فصار صرف الوصية إلى آداء الواجب أولى. وقيل: يجعلها للأدنى، لأنه محل الحاجة غالباً، فهو أولى.

(وَصَحَّتْ) الوصية (بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ، وَسُكْنَى دَارِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً) كَسنةٍ (وَأبَدَاً) لأن المنافع يصحّ تمليكها في حالة الحياة ببدلٍ وغيره، فكذا في حالة الممات كما في الأعيان، ويكون كلٌّ من العبد والدَّار محبوساً على ملك الميت في حقّ المنفعة حتّى يتملكها المُوصَى له على ملكه، كما يستوفي الموقوف عليه منافع الوقف على حكم ملك الواقف. (و) صحّتِ الوصية (بِغَلَّتِهِمَا) أي العبد والدَّار.

(فإِنْ خَرَجَتِ الرَّقَبَةُ) أي رقبة العبد والدَّار (مِنَ الثُّلُثِ) أي ثلث التركة (سُلِّمَتْ إِلَيْهِ) أي أعطيت للمُوصَى له، لأن حقّه في الثلث لا يزاحمه الورثة فيه (وإلاّ) أي وإن لم تخرج الرَّقبة من الثُّلُثِ (قُسِمَتِ الدَّارُ) قسمة الأجزاء أثلاثاً (وتهايؤا العبد) أي اقتسموه قسمة مُهَايَأَةٍ، فيخدم الورثة يومين والمُوصَى له يوماً، لأن حقّه في الثُّلُث وحقّهم في الثُّلُثين كما في الوصية بالعين، وإنما تعيّن التهايؤ في العبد، لأنه لا يمكن


(١) الفَخِذ: حيٌّ الرجل إِذا كان من أَقرب عشيرته. القاموس المحيط ص ٤٢٩، مادة (فخذ).
(٢) مولى العتاقة: المعتيق. معجم لغة الفقهاء ص ٤٦٩.
(٣) مولى الموالاة: الذي أَتاه رجل مجهول النسب فتعاقد معه قائلًا: أَنت وليٌّ ترثني إِذا متُّ وتعقل عني إذا جنيت. معجم لغة الفقهاء ص ٤٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>