للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يَبِيعُ وَصِيٌّ وَلَا يَشْتَرِي إِلَّا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ. ويَدْفَعُ مَالَهُ مُضَارَبَةً وَشَرِكَةً وَبِضَاعَةً.

وَيَحْتَالُ عَلَى الأمْلأَ، لَا عَلَى الأَعْسَرِ. وَلَا يُقْرِضُ،

===

وأحمد في رواية: لا يكون وصيّاً في تركة الأوّل اعتباراً بالتوكيل في حال الحياة (وَلَا يَبِيعُ وَصِيٌّ) مال الصغير من أجنبي (وَلَا يَشْتَرِي) له منه (إِلاَّ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ) في مثله، وهو ما فيه غبنٌ يسير، لقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَال اليتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (١) . وأمّا لو اشترى شيئاً من مال اليتيم لنفسه، أو باع شيئاً من ماله لليتيم جاز عند أبي حنيفة.

وفي إحدى الرِّوايتين عن أبي يوسف: إذا كان لليتيم فيه منفعةٌ ظاهرةٌ، بأن يبيع من الصغير ما يساوي خمسة عشر بعشرة، أو يشتري لنفسه من الصغير ما يساوي عشرة بخمسةَ عشرَ. وعلى قول محمد وهو أظهر الروايتين عن أبي يوسف: لا يجوز على كلّ حالٍ، وبه قال مالك والشّافعيّ، إذ الواحد لا يتولى طرفي البيع لامتناع كونه مُطَالِباً ومُطَالَباً، وهذا في وصيّ الأب، لأن وصي القاضي لا يجوز بيعه لمال الصغير من نفسه بكلّ حال اتفاقاً. ويجوز للأب بمثل القيمة كالاقتراض، وأبطله زُفَر لما تقدّم.

ولنا: أن الأب لكمال ولايته ووفور شفقته وحاجة الصغير، جُعِلَ كشخصين، فيتولّى الطرفين. وقال المتأخِّرون: لا يجوز للوصيّ بَيْعُ عقار الصغير إلاّ أن يكون على الميت دين، أو يرغب المشتري فيه بضعف الثَّمن، أو يكون للصغير حاجةٌ إلى الثَّمن. قال الصدر الشهيد: وبه يُفْتَى.

(ويَدْفَعُ) الوصيّ (مَالَهُ) أي الصغير (مُضَارَبَةً) ويأخذه أيضاً مضاربةً لكن بشرط الشهادة على ذلك نفياً للتهمة إذ ليس فيها تملك ماله (وَشَرِكَةً وَبِضَاعَةً) لقيامه مقام أبيه (وَيَحْتَالُ) أي ويقبل الحَوالة (عَلَى الأمْلأِ) أي الأغنى من الغريم (لَا عَلَى الأَعْسَرِ) لأن في ذلك نظراً له، وولاية الوصيّ نظرية. ويأكل منه عند اشتغاله بحاجته، لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} (٢) .

(وَلَا يُقْرِضُ) الوصيّ مال اليتيم وإن أقرض ضمن، لأنه لا يقدر على الاستخراج بخلاف القاضي، والأب بمنزلة الوصيّ في أصحّ الروايتين.


(١) سورة الأنعام، الآية: (١٥٢).
(٢) سورة النساء، الآية: (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>