للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِحَيثُ يُمْكِنُهُ تَرْتِيلُ أرْبَعِينَ آيَةً، ثُمَّ الإعَادَةُ إن ظَهَرَ فَسَادُ وُضُوئِهِ.

ويُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ ظُهْرِ الصَّيفِ

===

رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء ما اجتمعوا على التَّنوير، وقال: ولا يصح أن يجتمعوا على خلاف ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.

ولنا ما روى أصحاب السنن الأربعة عن رافع بن خَدِيج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر». قال الترمذي: حسنٌ صحيحٌ.

فإن قيل: المراد بالإسفار بالفجر تَبيُّن طلوعه، أجيب بما قال ابن دقيق العيد: وهو أن الحمل على هذا المعنى يأباه، أو يبعده مَا في «صحيح ابن حِبَّان»: «كلما أصبحتم بالصبح فهو أعظم للأجر». وما أخرجه النَّسائي بسند صحيح: «ما أسفرتم بالفجر، فإنه أعظم للأجر». وما في «مسانيد ابن أبي شَيْبَة، وإسحاق، وأبي داود»: «يا بلال نَوِّر بصلاة الصبح حتى يبصرَ القومُ مواقع نبلهم من الإسفار». ولأنه ما لم يتبين، لا يحكم بجواز الصلاة، فضلاً عن إصابة الأجر المفاد بقوله: «فإنه أعظم للأجر».

ثم الإسفار الذي يستحب بداية الفجر فيه أن يبتداء الصلاة (بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ تَرْتِيلُ أرْبَعِينَ آيَةً) أي سوى الفاتحة، والظاهر أن المراد بالأربعين أنه في مجموع الركعتين، لا في كل واحدة منهما، فالأَوْلى أن يقال: بحيث يَقْدِر على الصلاة بقراءة مسنونة (ثُمَّ الإعَادَةُ) أي ويمكنه إعادة الصلاة بقراءتها المستحبة قبل طلوع الشمس (إنْ ظَهَرَ فَسَادُ وُضُوئِهِ) أي في آخر أجزاء صلاته.

(ويُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ ظُهْرِ الصَّيْفِ) أي إبْرَاده (١) في شدة الحر، وهو متفق عليه. لقوله عليه الصلاة والسلام: «أبْرِدوا بالظهر، فإنَّ شِدَّة الحرِّ من فيح جهنم» (٢) رواه البخاري، والطحاوي بمعناه من طرق. ولقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا اشتد الحر فأبْرِدوا بالصلاة، فإنَّ شِدَّة الحرِّ من فَيْح جهنم» رواه الشيخان. ولِمَا في الطَّحَاوي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: «أنه رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم يعجِّل في الظهر في الشتاء، ويؤخِّرُها في الصيف». وعن أنس نحوه. وروى البخاري من حديث خالد بن دِينَار قال: «صلّى بنا أميرنا الجمعة، ثم قال لأنس: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي الظهر؟ قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بَكَّر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبْرد بالصلاة». ورواه النَّسائي عن أنس لفظه: «إذا كان الحر أبْرَد بالصلاة، وإذا كان البرد عجَّل بالصلاة».


(١) إبراد الصلاة: تأخيرها قليلًا، ويكون ذلك في أوقات الحرِّ. معجم لغة الفقهاء ص ٣٨.
(٢) الفَيْح: سُطوع الحر وفورانه، أي كأنه نار جهنم في حرِّها. النهاية: ٣/ ٤٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>