للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَجْدَةُ تِلاوَةٍ، وصَلاةُ جِنَازَةٍ عِنْدَ طُلُوعِهَا وقِيَامِهَا وغُرُوبِهَا،

===

وقبض المبيع، ثبت الملك. وإنما قلنا ذلك لما ذكر شمس الأئمة لزوم قضائه بلا خلاف، وذكر التُّمُرْتَاشي لزومه عند أبي حنيفة وأبي يوسف.

وقيل: يُكْرَهُ النفل فيها تحريماً، وهو مُفَسَّرٌ عند أبي حنيفة وأبي يوسف بما كان إلى الحرام أقرب، وعند محمد بالحرام. وإنما كره تحريماً لما عُرِف أن النهي إذا كان ظَنِّيَّ الثبوت ولم يُصْرَف عن مقتضاه أفاد كراهة التحريم، وإذا كان قطعي الثبوت أفاد التحريم، فالتحريم في مقابلة الفرض في الرتبة، وكراهة التحريم في رتبة الواجب، والتنزيه في رتبة المندوب، والنهي الوارد من النوع الأول، فكان الثابت به كراهة التحريم، فلو شرع في النفل في أحدهما صح شروعه، حتى يجب قضاؤه إذا قطعه خلافاً لِزُفَر، ويجب قطعه وقضاؤه في وقت غير مكروه في ظاهر الرواية، ولو أتمّه خرج عن عُهْدَةِ ما لزمه بذلك الشروع.

(وسَجْدَةُ تِلَاوَةٍ) أي إذا تُليت قبل الأوقات المذكورة، لأن التي تُليت فيها تجوز من غير كراهة، لكن الأفضل تأخيرها، ليؤديها في الوقت المستحب لها، لأنها لا تفوت بتأخيرها (وصَلَاةُ جِنَازَةٍ) أي إذا حضرت قبل ذلك، لأن التي حضرت فيه تجوز، لأنها وجبت ناقصة، فتؤدى كما وجبت، إذ الوجوب بالحضور وهو أفضل، والتأخير مكروه لقوله عليه الصلاة والسلام: «ثلاثٌ لا يُؤخَّرْنَ، وذكر منها: الجنازة إذا حضرت» (١) .

(عِنْدَ طُلُوعِهَا) أي مع طلوع الشمس (وقِيَامِهَا) أي حال استوائها (وغُرُوبِهَا) وقال مالك: لا يصلى على الجنازة بعد الإسفار والاصفرار حتى تطلع الشمس أو تغرب، إلاَّ أنْ يخشى عليها التغير. وقال الشافعي: لا يكره الصلاة عليها في أوقات النهي، إلا أنْ يتعمّد تأخيرَها إلى ذلك بغير سبب.

لنا ما روى الجماعة إلا البخاري من حديث عُقْبة بن عامر الجُهَني قال: «ثلاثُ ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أنْ نصلّي فيهن، وأن نَقْبُرَ فيهنَّ موتانا: حين تَطْلُعُ الشمس بازغةً حتى ترتفعَ، وحين يقوم قائم الظَّهِيرَة (٢) حتى تميل، وحين تَضَيَّفُ (٣) للغروب حتى تَغْرُب». قال الترمذي: قبر الموتى هنا محمول على الصلاة عليها،


(١) أخرجه الترمذي في سننه ٣/ ٣٨٧، كتاب الجنائز (٨)، باب ما جاء في تعجيل الجنازة (٧٤)، رقم (١٠٧٥)، ولفظه: يا علي ثلاث لا تؤخرها …
(٢) قائم الظهيرة: أي قيام الشمس وقت الزوال. النهاية: ٤/ ١٢٥.
(٣) تضيَّفت: أي مالت. النهاية ٣/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>