للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتُكْرَهُ إذَا خَرَجَ الإمَامُ للخُطْبَةِ.

ويُكْرَهُ النَّفْلُ فَقَطْ بَعْدَ الصُّبْحِ إلَّا سُنَّتَهُ، وبَعْدَ أَدَاءِ العَصْرِ إلى أدَاءِ المَغْرِبِ.

===

(وتُكْرَهُ) أي الصلاة، وسجدة التلاوة، وصلاة الجنازة، إلا الفائتة لصاحب الترتيب (إذَا خَرَجَ) أي صَعِدَ (الإمَامُ) المنبر (للخُطْبَةِ) أي خطبة الجمعة، أو العيدين، أو الحج، أو الكسوف، أو الاستسقاء، للإخلال باستماع الخُطبة والإعراض عنها، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا قلت لصاحبك: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغَوْت». كما رواه الشيخان. فإنْ كان الأمر بالمعروف مع كونه فرضاً، صار حراماً في هذا الوقت، فما بالك بالنفل.

فإن قيل: روى الجماعة عن جابر بن عبد الله: «أن رجلاً جاء يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: «أَصَلَّيتَ يا فلان؟، قال: لا، قال: فَصَلِّ ركعتين، وتجوَّز فيهما»، أي اختصر. وأُجيب عنه بأنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أنصت له حتى فرغ من صلاته، لما روى الدَّارَقُطْنِي من حديث أنس قال: «دخل رجل المسجد»، فذكر الحديث. وفيه: «وأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فرغ من صلاته»، ولأنَّ ذلك كان قبل الشُّروع في الخطبة.

وقد بوَّب النَّسائي في «سننه الكبرى»: باب الصلاة قبل الخطبة، ثم أخرج عن جابر قال: «جاء سُلَيْك الغَطَفَاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر، فقعد سُلَيْك قبل أن يصلّي، فقال له عليه الصلاة والسلام: «أرَكَعْتَ ركعتين»؟ قال: لا، قال: «قم فارْكَعْهُما». وكذا يكره بعد الفراغ من خطبة الجمعة إلى الشروع في الصلاة عند أبي حنيفة، خلافاً لهما.

(ويُكْرَهُ النَّفْلُ فَقَطْ) أي دون الفوائت، وسجدة التلاوة، وصلاة الجنازة (بَعْدَ الصُّبْحِ) أي بعد طلوعه (إلاَّ سُنَّتَهُ وبَعْدَ أَدَاءِ العَصْرِ إلى أدَاءِ المَغْرِبِ). أمَّا بعد الصبح، فلما روى أحمد، وأبو داود، والترمذي، والدَّارَقُطْنِي، من حديث يَسَار ـ مولى ابن عمر ـ، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتين». ورواه الطَّبَرَانِي. وفي طريق آخر له: «بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر»، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «لِيُبَلِّغْ شاهدكم غائبكم، لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين». رواه أبو داود. ولقول حَفْصَة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلّي إلا ركعتين خفيفتين»، رواه مسلم.

قيل: وحكمة هذا النهي أن يصير الوقت كالمشغول بفرضه وما يتبعه، ولهذا كُرِه الكلامُ بين سنته وفرضه، إلا إذا كان كلام خير، فيظهر النهي في حق النفل، وكلّ

<<  <  ج: ص:  >  >>