للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ما وجب بسبب عن المكلف كالمنذور، وقضاء النفل الذي شرع فيه ثم أفسده، وركعتي الطواف. ورُوِي: «أن عمر رضي الله عنه طاف بالبيت سبعاً بعد الفجر ولم يصلِّ حتى خرج إلى ذي طُوَى، فصلّى ركعتي الطواف بعد ما ارتفعت الشمس».

وأما كراهتها بعد أداء العصر، فلما روى الجماعة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «شهد عندي رجال مرضيون، ـ وأرضاهم عندي عمر ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس». ولقول علي رضي الله عنه: «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلّي دُبُر كل صلاة إلا الفجر والعصر». وتقول عائشة: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلّي الصلاة إلا أتْبعَها ركعتين، غير العصر والغَدَاة (١) ، فإنه كان يُعَجِّلُ الركعتين قبلهما»، رواهما الطَّحَاويّ.

وساق في خصوص العصر روايات بطرق مختلفة، ثم قال: فقد جاءت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواترة بالنهي عن الصلاة بعد العصر، وعَمِل بذلك أصحابه من بعده، فلا ينبغي لأحد أنْ يخالِف ذلك. ثم أسند إلى أبي سعيد الخُدْري أنه قال: «أمرني عمر ابن الخطاب أن أَضْرِبَ من كان يصلّي بعد العصر الركعتين بالدِّرة» (٢) . «وأنَّ خالد بن الوليد كان يَضْرِبُ الناس على الصلاة بعد العصر كعمر». «وأن طاوساً سأل ابن عباس عن الركعتين بعد العصر، فنهاه وقال: {وما كَانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إذا قَضَى اللهُ ورَسُولُهُ أمراً أنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أمْرِهِمْ}» (٣) .

ثم روى عن عائشة من طرق: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع الركعتين عندي بعد العصر». (وفي رواية: «والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعتين عندي بعد العصر) (٤) قطُّ»، ولفظ الصحيحين: «ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلّى ركعتين»، وفي لفظ للبخاري، عنها: «والذي ذَهَبَ به، ما تركهما حتى لَقِيَ الله، وما لقي الله تعالى حتى ثَقُلَ عن الصلاة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما، ولا يصليهما في المسجد مخافة أنْ يُثْقِلَ على أمّتهُ، وكان يحب ما يُخَفّف عنهم».

وأجاب بأنَّ معاوية بن أبي سفيان لَمَّا أَرْسَلَ إليها لِيَسْأَلَها عنهما، قالت: «لا


(١) الغداة: بالفتح: ما بين الفجر وطلوع الشمس. معجم لغة الفقهاء ص ٣٢٨. والمقصود هنا: صلاة الفجر.
(٢) الدِّرَّة: السَّوْط: المعجم الوسيط، ص ٢٧٩، مادة (دَرّ).
(٣) سورة الأحزاب، الآية: (٣٦).
(٤) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>