للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يُتَكَلَّمُ فِيهِمَا.

===

قام وعليه بُرْدان أَخْضران، فقام على حائط، فَأَذَّنَ مَثْنَى مَثْنَى، وأقام مَثْنَى مَثْنَى». وهؤلاء كلهم رجال الصحيحين. وقال الطَّحاوِيّ: «فأَذَّن مَثْنَى، وأقام مَثْنَى، وقَعَد قَعْدَةً فيما بينهما». وزاد في سنن أبي داود: «فاستقبل القبلة».

والجوابُ عن الأمرِ بإيتارها: لأَنها من باب الاختصار في بعض الأحوال تعليماً للجواز، لا يستمر سُنَّةً، بدليل ما روى الطحاويّ وابن الجَوْزِيّ: أنَّ بلالاً كان يُثَنِّي الإقامة إلى أنْ مات، وبأنَّ إبراهيم النَّخَعِي قال: كانَت الإقامة مثل الأذان حتى كان هؤلاء الملوك، فجعلوها واحدة واحدة للسرعة إذا خرجوا ـ يعني بني أمية ـ.

(ولا يُتَكَلَّمُ) بصيغة المجهول (فِيهِمَا) أي في الأذان والإقامة لأَنَّه ذِكْرٌ مُعَظَّمٌ كالخُطْبة.

وفي «الخلاصة»: رجل سَلَّمَ على المُؤَذِّن في أذانه، أو عطس وحَمِدَ الله وسمعه المؤذِّن، أو سَلَّم على المصلِّي، أو على قاراء القرآن، أو على الإمام وقت الخطبة. فعن أبي حنيفة: يَرُدُّ السلام ويُشَمِّتُ في نفسه. وعن محمد: يَرُدُّ بعد الفراغ. وعن أبي يوسف: لا يَرُدُّ في نفسه ولا بعد الفراغ، وهو الصحيح، ـ يعني عدم لزومه ـ فلا تنافي. واتفقوا على أنَّ المُتَغَوِّطَ لا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ قبل الفراغ ولا بعده. انتهى.

ولا يخفى أنَّ الأفضلَ أنَّه يَرُدُّه بعده، لحديث ورد بذلك (١) . ويُسْتَحَبُّ إجابة المُؤَذِّن باللسان، فَيُمْسِكُ عن التلاوة، وغيرها، في المسجد وغيره، ويقول السامع مثل المُؤَذِّن في التكبير والشهادتين، ويُحَوْقِلُ في الحيْعَلَتَيْنِ، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سَمِعَ المُؤَذِّن قال مثل ما قال، وإذا قال: حَيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، قال: «لَا حَوْلَ ولا قوَّة إلاَّ بالله العليِّ العظيم». رواه مسلم. وإذا قال: الصلاة خَيْرٌ من النوم في أذان الفجر قال: «صدقت وبَرَرْت، وبالحق نَطَقْت»، لورود الخبر هكذا (٢) .


(١) صحيح مسلم ١/ ٢٨١، كتاب الحيض (٣)، باب التيم (٢٨)، رقم (١١٥ - ٣٧٠)، بلفظ: أن رجلًا مرّ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَبُول، فسلَّم فلم يَرُدَّ عليه. وانظر سنن أبي داود ١/ ٢٢، كتاب الطهارة (١)، باب (٨)، رقم (١٧،١٦).
(٢) أورده النووي في "الأذكار" ١/ ٦٦، باب ما يقول من سمع المؤذن. ولم يَعْزُهُ إلى مصدر! وقال ابن عَلَّان في "الفتوحات الربانية": لخبر ورد قاله ابن الرِّفعة، وقال غيره: لم نره في كتب الحديث، وقال بعض العارفين: هو من قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. اهـ. ٢/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>