للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتَّثْوِيبُ حَسَنٌ. ويَجْلِسُ بَينَهُما إلَّا في المَغْرِبِ،

===

ثم دعا بعد الفَرَاغ بالوسيلة للنبي صلى الله عليه وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا سَمِعْتُم المُؤَذِّنَ فَقُولوا مثلَ ما يَقُول، ثم صلّوا عَليَّ، فإنَّه من صلّى عليَّ صلاةً، صلّى الله عليه بها عشراً، ثم سَلُوا الله لِيَ الوسيلة، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّة لا تنبغي إلاَّ لعبدٍ من عباد الله، وأَرجُو أنْ أكُونَ أنا هو، فَمَنْ سأل اللهَ لِيَ الوسيلةَ حَلَّتْ له الشفاعة». رواه مسلم. ولقوله عليه الصلاةِ والسلام: «منْ قال حين يسمع النداء: اللهم رَبَّ هذه الدَّعوة التامّة والصلاةِ القائمة، آتِ محمّداً الوسيلةَ والفضيلةَ، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حَلَّتْ له شفاعتي يوم القيامة». رواه البخاري.

ولقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ قَالَ حين يسمع الأذانَ: وأنا أشهد أنْ لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، رَضِيتُ بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمّدٍ صلى الله عليه وسلم رسولاً، غُفِرَ له ذنوبه». رواه مسلم وغيره. ولِمَا حَكَى ابنُ عمرَ: أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله إنَّ المؤذنين يَفْضُلُونَنَا فقال عليه الصلاة والسلام: «قُلْ ما يقولون، فإذا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ». رواه أبو داود والنَّسائي. وأجاب الأذانَ الأولَ إنْ تكرَّر وإنْ كان في غير مَسجده، لأنَّه حيث سمعه نُدِبَ له أنْ يُجِيبَهُ لِتَحَقُّق السببِ في حَقِّه، فصار كتعدده في مسجده.

(والتَّثْوِيبُ) وهو الإعلام بالصلاة بين الأَذان والإِقامة بحسب ما تعارفه أهل كل بلد من لفظه (حَسَنٌ) في كل صلاة لِتَوَاني الناس في الأمور الدينية. وقال أصحابُنا المتقدمون: إنَّه مكروهٌ في غير الفجر، لما روى الترمذيُّ وابن ماجه من حديث ابن أبي ليلى عن بلال قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ لا أُثَوِّبَ في شيء من الصلاة إلاَّ في الفجر.

قال أصحابُنا: هو أنْ يقول بين الأذان والإقامة: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح مرتين: وقال غيرهُم: هو أنْ يقولَ في أذانِ الفجر: الصلاةُ خيرٌ من النومِ مرتين، ولما رُوِيَ أنَّ علياً رَضِيَ الله عنه رَأَى مُؤَذِّناً يُثَوِّبُ في العشاء، قال: أخْرِجُوا هذا المُبْتَدِعَ من المسجد. وكذا كَرِهَهُ مالكٌ والشافعيُّ مطلقاً.

(ويَجْلِسُ) أي يَمْكُثُ (بَيْنَهُما) أي بين الأذان والإقامة لِمَا سبق من الحديث، (إلاَّ في المَغْرِبِ) فلا يَجْلِسُ بين أذانها وإقامتها عند أبي حنيفة لاستلزامه تأخير المغرب، وقالا: يَجْلِسُ جَلْسَةً خفيفةً كما في سائر الصلوات. وهذا أَوْفق لإطلاق الحديث.

ويُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ المُؤَذِّنُ صالحاً لقوله عليه الصلاة والسلام: «ليُؤَذِّن لكم

<<  <  ج: ص:  >  >>