للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أذَانُهُ، ولم تُعَدْ. وكُرِهَا مِن الجُنُبِ، ولا تُعَادُ هي بَل يُعَادُ هُوَ، كأذَانِ المَرْأةِ والمَجْنُونِ والسَّكْرَانِ. وكُرهَ تَرْكُهُمَا في السَّفَر

===

أذَانُهُ) أي لا يُكْرَه أذانُ المُحْدث لأَنَّه ذِكْرٌ يُسْتَحَبُّ فيه الطهارة، فلا يُكْرَه بدونها كقراءة القرآن، وقيل يُكْرَه، لِمَا روى الترمذيُّ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لَا يُؤَذِّنُ إِلاَّ مُتَوَضِّاءٌ». (ولم تُعَدْ) أي الإِقامةُ لأَنَّ تكريرَها غيرُ مشروعٍ.

(وكُرِهَا) أي الأذانُ والإقامةُ (مِنْ الجُنُبِ، ولا تُعَادُ هي) أي الإقامةُ مِنَ الجُنُبِ لِمَا سَبَقَ (بَلْ يُعَادُ) أي استحباباً (هُوَ) أي الأَذانُ لأَنَّ تكريرَه في الشرع مُعْتَبرٌ في الجُمُعَةِ، فإنَّ الأَذانَ الأَولَ شُرِعَ في زمان عثمانَ، ولأَنَّ الأَذانَ لإعلام الغَائِبين، فتكريرُه مفيدٌ لاحتمال عدم سماع البعض.

(كأذَانِ المَرْأةِ) أي كما كُرِهَ أذانُ المرأةِ واسْتُحِبَّ إعادته، أمَّا كَرَاهةُ أَذَانِها، فلأَنَّها مَنْهِيَّةٌ عن رفع صوتها، وأمَّا استحبابُ إعادتهِ فَلِيَقَعَ على الوجهِ المَسْنُونِ. وسَنَّ الشافعيُّ الإِقامةَ للنساء اعتباراً لهن بالرجال.

قلت: رُوِيَ عن أَنس وابن عمر: كراهتهما لهن.

(والمَجْنُونِ) عَطْفٌ على الجُنُبِ، أي وكُرِهَا من المَجْنُونِ، وكان حَقُّه أنْ يقول: «ومن المجنون» لَئِلاَّ يُتَوَهَّم عَطْفُه على المرأةِ. (والسَّكْرَانِ) لعدم الوُثُوقِ بقولهما ولفقد تَميزِهما، فَيَتَعَيَّنُ إعادةُ أذانهِما وإقامتِهما، وكذا يُعَادُ أذانُ الصبيِّ الذي لا يَعْقِلُ كما صَرَّحَ به قَاضِيخَان.

(وكُرِهَ تَرْكهُمَا) أي الأَذان والإِقامة جميعاً (في السَّفَرِ) لِمَا روى الجماعة عن مالك بن الحُوَيْرِثِ قال: «أتَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنا وصاحبٌ لي ـ وفي رواية: وابنُ عمَ لي، وفي رواية: وكنّا متقاربَين في القراءة ـ، فلما أَرَدْنَا الانصرافَ قال لنا: إذا حَضَرَتِ الصلاة فأَذِّنَا وأَقِيمَا». أي لِيُؤَذِّنْ وَلْيُقِمْ أحدُكما ولَيَؤُمَّكما أكْبَرُكما ـ أي سناً أو رتبةً ـ، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا كان الرجلُ بأرضٍ قَفْرٍ فَحَانَتِ الصلاة، فَلْيَتَوَضَّأْ، فإنْ لم يَجدْ فَلْيَتَيمَّمْ، فإنْ أَقَامَ صلَّى معه مَلَكَانِ، وإنْ أَذَّنَ وأَقَامَ صلّى خلفه من جنودِ الله ما لا يُرَى طرفاه». رواه عبد الرَّزَّاق.

ولقول عليّ: المسافرُ بالخيار، إنْ شَاءَ أَذَّنَ وأقام، وإنْ شَاءَ أقام ولم يُؤَذِّن.

وأمَّا قولُ صاحب «الهداية» لقوله: عليه الصلاة والسلام لابْنَي أبي مُلَيْكَة: «إذا سَافَرْتُما أَذِّنَا وأَقِيمَا»، فقولهُ: لابْنَي أبي مُلَيْكَةَ، غَلَطٌ، والصوابُ: مالكُ بن الحُوَيْرِث

<<  <  ج: ص:  >  >>